حسابات الاقليم بشان اليمن
حسابات الإقليم والعالم لا تقوم على أساس امنحوا صنعاء للحوثيين وامنحونا المُلك في عدن فهذه حسابات ضيق...
بداية ما يجب أن تدركه كل الأطراف هو أن مرحلة مابعد اللقاء الصيني السعودي الإيراني ليست كما قبلها وأن هناك خطوات تمت على المستوى الإقليمي ستفُرض نتائجها واتفاقاتها على مستوى الأدوات المحلية ، فالسعودية ايقنت أخيرا أن أدوات الداخل لن تضمن سلامها واستقرارها وأن التصالح مع المحيط العربي والاقليمي هو الطريق الأمثل لصنع سلام شامل ليس لها فقط ولكن للمنطقة برمتها و(أن تأتى متاخراً خير من أن لا تأتي).
(2)
تصريح رئيس رابطة أبناء اليمن سابقا وأبناء الجنوب العربي حاليا والناطق الرسمي لجماعة الانتقالي جاء ليؤكد حقيقة تعليق النائب البحسني لمشاركاته في أعمال مجلس مشاورات الرياض والتي تُعد خطوة غير مُستغربة في ظل عجز هذا المجلس عن اداء مهمته التي جاءت به المشاورات من اجل تنفيذها وفي ظل فشل بعض اعضاءه في استيعاب متطلبات مرحلة انتقالهم فكرا وسلوكا من رؤساء جماعات مسلحة إلى أعضاء مجلس يفترض انه يقود معركة استعادة مؤسسات دولة.
(3)
في الصحراء الفاصلة بين تعليق النائب المحترم فرج البحسني لمشاركته في جلسات مجلس مشاورات الرياض لأسباب عدة منها ما يتعلق بحضرموت وحقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبين تصريح رئيس رابطة الجنوب العربي وناطق جماعة الانتقالي الرسمي ستظهر للمتابع الحصيف خطوط الطول والعرض التي توضح خارطة القادم السياسي وستظهر جزء بسيط من حقيقة ادعياء تمثيل القضية الجنوبية وزيف شعارات استعادة الدولة الجنوبية .
(4)
من المفارقات أن النائب البحسني الذي لم يدّعي يوما تمثيل الجنوب يُعلّق مشاركته احتجاجا على حقوق جزء هام من الجسد الجنوبي متمثلا ب م /حضرموت ، بينما جماعة ادعياء تمثيل الجنوب وقضيته والتي تهدر الملايين المنهوبة من واردات الجنوب لتحقق تقدم على بقية القوى المختلفة معها في مضمار معركة التمثيل الجنوبي تتمسك بالبقاء في مجلس مشاورات الرياض وهو الأمر الذي يظهر حقيقة المشروع الساعي إلى الفوز بالمشاركة في أي مؤسسة حكم وفي إطار أي شكل من أشكال الدولة اليمنية.
(5)
رغم بروز ظاهرة سياسة التصالح الإقليمي على السطح في المرحلة الراهنة والتي بدأت باللقاء الصيني السعودي الايراني واثمرت في سوريا إلا أن البعض مازال يعيش خارج الواقع المحيط به ويسبح في مستنقعة(السيامناطقي) الآسن ويمارس التمزيق ضد مخالفي احلامه في السطو على التمثيل الجنوبي تحت مظلة الحوار الجنوبي الزائف .
(6)
لايمكن لأي خطاب مهما بلغت الأموال التي تصنع ابواقه وتحمل رايته أن يقنع أي وطني بسيط بأن تمزيق عُرى المجتمع الجنوبي سياسيا واجتماعيا سيصب في نهاية المطاف لخدمة قضية الجنوب ، ولايستطيع تاجر السياسة الولوج إلى محراب الوطنية حتى وإن اشترى ذمم من ارهقهم مشوار الثبات على الحق وتنازعتهم رغباتهم الذاتية ماديا ومعنويا .
(7)
يبقى ملف الجنوب وقضيته هو الملف المُبهم في الحركة الدؤوبة للملفات الخاصة باليمن التي تشهدها الساحة الإقليمية والدولية ، ويستمر الصراع الجنوبي الجنوبي يلقي بظلاله على المشهد المحلي جنوبا ، فكل المؤشرات تدل على أننا ذاهبون إلى واقع يناقض الخطاب الترويجي المُستهلك الذي يستهدف العبث بعقول البسطاء الجنوبيين والسخرية من اخلاصهم لقضيتهم .
(8)
الحديث عن أي سلام بين (السعودية وانصار الله) في ظل استمرار العبث الإماراتي سواء المباشر أو عبر ذيولها وادواتها في اليمن شمالا وجنوبا حديثا لن يفضي إلا إلى ما افضت إليه الجهود السابقة فنجاح أي عملية سلمية كانت أو عسكرية في اليمن باتت مرهونة بوضع حد للتواجد الإماراتي السلبي .
(9)
على المملكة العربية السعودية أن تعي وهي تخوض معركة توجهاتها السياسية الجديدة التي نرى فيها بداية طيبة لانهاء صراعات المنطقة بأن التكوينات والجماعات المحلية المسلحة التي تم تصنيعها لإدارة مرحلة تأجيج الصراع لايمكن لها أن تكون مطلقا أدوات نافعة لإدارة مرحلة إحلال السلام ، وبالتالي فإن التعاطي مع التيارات الوطنية تُعد من أهم ضمانات إحلال السلام واستمراره في المنطقة عموما .
عبدالكريم سالم السعدي
24 أبريل 2023م