رجل المرور بطل الشارع أم عدوه؟

المرور وحركة السير المنظمة هي من أهم العوامل التي تساهم في تحقيق الأمن والسلامة والرفاهية للمواطنين والمقيمين في أي بلد. 
فالمرور هو نظام ينظم حركة المركبات والمشاة على الطرق والجسور والتقاطعات، ويحدد الأولويات والحقوق والواجبات لكل فرد منهم، وانسيابية حركة السير تتم عبر مجموعة من القواعد والإشارات والعلامات التي تنظم المرور وتضمن سلاسة حركته.

ومن المعروف أن المرور وحركة السير المنظمة تحقق العديد من الفوائد، منها:
تقليل عدد الحوادث والإصابات والوفيات التي تنجم عن التصادمات والاصطدامات بين المركبات أو بين المركبات والمشاة أو بين المركبات والعناصر الثابتة على الطرق.
تحسين جودة الهواء والبيئة بتقليل انبعاثات غازات العادم عبر ضبط المركبات التي تعاني محركاتها من خلل وتسبب أنبعاثات كثيفة لغازات العادم. 
ضبط السائقين المخالفين لأستخدام أبواق مركباتهم لما ينتج من ضوضاء، خاصة في ظل التزايد المستمر في عدد المركبات على الطرق والتي بدوره يتم أفتعال أزمة مرور تصاحب أطلاق الأبواق بشكل متكرر.
توفير الوقت والجهد والمال بتقليل مدة التأخير والانتظار في الزحامات المرورية، وبالتالي تحسين كفاءة الأداء الاقتصادي والاجتماعي للأفراد والمؤسسات.
تعزيز قيم الانضباط والانتظام والمسؤولية والاحترام بين مستخدمي الطرق سواء كانوا سائقين أو ركاب أو مشاة، والتزامهم بالقوانين والأنظمة المرورية وتجنب المخالفات والغرامات.
ولكن للأسف، نجد أن هذه الفوائد لا تتحقق في كثير من البلدان بسبب ظهور ظاهرة سلبية تعطل المرور وحركة السير المنظمة، وهي ظاهرة الرشاوى لدى شرطة المرور.
فهذه الظاهرة تشير إلى ممارسة بعض رجال المرور لإخلاء سبيل أو تخفيف عقاب أو إغلاق ملف أو إعطاء امتياز لأحد المخالفين مقابل مبلغ من المال أو هدية أو خدمة.
وهذه الممارسة تخل بشكل خطير على دور شرطة المرور في حفظ الأمن والنظام على الطرق، وتؤدي إلى:

تشجيع المخالفين على استمرار انتهاك قانون المرور بدلاً من تصحيح سلوكهم وهو ما يزيد من إحتمالية التسبب في حوادث مروية خطيرة.
تراكم شعور بالظلم والإحباط لدى المستخدمين الذين يلتزمون بقانون المرور، عند رؤيتهم لآخرين يفلتون بسهولة من العقاب بسبب دفع رشاوى.
إضعاف ثقة السائقين بشرطة المرور، كجهة رسمية ممثلة عن وزارة سيادية ومسؤولة عن حفظ حقوقهم عند شعورهم بأن شرطة المرور لديها مصالح شخصية أو مادية تتعارض مع مصلحة العامة.
إضافة عبء اقتصادي إضافي على السائقين عبر طلب مبالغ مالية منهم تحت التهديد بمصادرة مركباتهم.

في الآونة الأخيرة قامت السلطة المحلية بالتنسيق والتعاون مع الجهات الأمنية بجميع فئاتها للعمل على تنظيم حركة السير والمرور  في العاصمة عدن، والتي أستطاعت خلال فترة قصيرة من أنعاش محطات وسائل النقل القديمة وكذلك استحداث نقاط تجمع جديدة اسهمت في تخفيف حدة الأزدحام المروري في المدينة، بالإضافة إلى نقل بعض أسواق القات من بعض الأماكن ذات الكثافة السكانية إلى أماكن بعيدة عن الخطوط الرئيسية، والبدء بحظر تواجد الدراجات النارية ذات الثلاث عجلات في بعض مديريات العاصمة لما تسببه من إزعاج وضجيج واستخدامها في بعض جرائم السلب والنهب.

بالأخير علينا أن لا ننسى دور رجال المرور الشرفاء ذوي الهمم العالية الذين يؤدون أعمالهم بكل أمانة وصبر تحت أشعة الشمس الحارة، والذين يواجهوا في بعض الأحيان إهانات وتعديات من  المواطنين الذين لا يحترمون قواعد المرور أو يحاولون التهرب من قبضة الأمن بالإضافة لكونهم يعملوا طوال أيام الأسبوع وأثناء العطلات الأسبوعية والرسمية. 
هولاء يستحقوا التقدير والاحترام من المواطنين ودعم وتشجيع من الدولة حتى يستطيعوا أداء مهامهم بكفاءة وإخلاص

مقالات الكاتب