تعارفي بالمظيفة اليمنية الشقراء

تأخرت رحلة السعيدة من مطار الريان بالمكلا إلى صنعاء حتى مابعد ظهر ذات يوم، وكنت على متنها مع عدد قليل من الركاب قبل حوالي عشر سنوات مضت
وبما اني قد كنت بدأت تناول القات في صالة المطار الخارجية،وبدأ الكيف يلعب بالمزاج، فقد فكرت بالغاء الرحلة والعودة إلى فندق أمواج فندقي المتواضع المفضل حتى اليوم بالمكلا.. لكن هاجس شيطاني دفعني لمحاولة اخفاء القات في فمي والصعود إلى الطائرة، في لحظة امتعاض الركاب من تأخر الرحلة..
ولم أصدق نفسي بعدها، الا وانا اطير فعلا في الأجواء، بذات الكيف وعلى نفس درجة التخديرة السليمانية، ودون ان ارى حولي ركابا ولا من الخلف، وإنما بضعة ركاب مشتتين على مقاعد متفرقة بالطائرة وكأنها باص نقل سياحي، قرر سائقه ومساعده ملأ مقاعده من الطريق ودون توقع كم احد ان الرحلة ستمر عدن لنقل ركاب ينتظرونها هناك..

مرت لحظات وأنا أشاهد البحر من تحتي، حزينا ومتنام الصغر وانا احاول ان أشد عليه بأن لا يخشى الرياح العاتية التي كانت يومها تعبث بامواجه الصاخبة البياض وهي تتراءى من الأعلى كاسنان فاتنة جميلة خذل الحبيب وابكاها قهر خذلانه لها.

ارتفعت الطائرة أعلى وأعلى وبدأت فتاة التنبيهات بفتح حشرجة المايكرفون لإعلامنا بأن الطائرة تستعد للهبوط على مطار عدن وكررت الجملة ذاتها باللغة الإنجليزية، وانا اقول لنفسي مالها تخبط.. معقول تكون مخزنة مثلي ونسيت ان رحلتنا متجهة من المكلا صنعاء،، وليس عدن.. أم أن تخديرة القات قد ضربت فيوز عقلي ولم اعد افرق بين ماتقول

ومع بدء هبوط الطائرة المرعبلة رأيت فعلا البحر وأدركت يقينا بأن الطائرة تهبط فعلا بعدن وليس صنعاء،
وحينها أخرجت الفانتا وربطت كيس علاقي القات على منضدة الأكل وبدأت مرحلة التخزين الرسمي المعلن والبحث عن أي مشكلة مع إدارة الطائرة ومضيفتيها يومها.. غير ان الأمر سار بشكل طبيعي سلس وكاني راكب حافلة نقل الرويشان الجماعي وغير مصدق بأني أمارس طقوس يومي المعتاد في الجو هذه المرة وليس الأرض، حتى شعرت فجأة بنعومة يد تربت على كتفي من الخلف، فاعتقدت ان راكبا انتقل من الخلف ليطلب مني تجديدة قات، لذلك حاولت تجاهل الأمر بالبداية ولم اتوقع انها المضيفة التي سبق وان كنت اشكرها على محاولتها تقديم اي مأكول او مشروب لي وانا احاول التخفي عنها حتى لا تكتشف اني مخزن..
وفي لحظة شعرت غبعاع بأن الطائرة عادت للإقلاع مجددا وليس الهبوط..  لمحت المضيفة تسألني عن حالي، مع ابتسامة استغراب خفيفة على محياها من حالة الانسجام التام لي مع القات.. لاحاول جمع قدراتي وارد عليها بذات الابتسامة اني بخير وفي غاية الانسجام، مع محاولة ممازحتها بقليل من القات، قبل أن تفاجأني بالجلوس بالمقعد المقابل والتحدث معي بأنها تحزن فعلا ومن بنات صبر الحالمة تعز وتفاصيل عديدة، انهتها بأنها كانت ملاحظة لي وعلى علم من اول الرحلة بانني مخزن ولكن تقديرا منها لعدم تفكير المزاج حاولت التغاضي وتجاوز الأمر باعتبار الرحلة داخلية.. لكن علي الان اخفاء القات حتى العودة مجددا للإقلاع من عدن إلى صنعاء.. وهكذا فعلت فعلا بحكم مبدأ الصداقة وحق التعارف، واكتفت هي نهاية المطاف بأخذ رقم هاتفي بعد أن اشبعتها ضحكا طوال الطريق حتى كاد البعض يعتقد انها راكبة معنا وليست مضيفة.
والخلاصة انها كانت من أنبل من عرفتهن وبقيت فترة طويلة معي كمصدر صحفي يوافيني بأخبار الطيران وفضائح الشركة حتى خرجت منها وانتقلت للعمل في شركة الخطوط الجوية اليمنية براتب افضل وغيرت كل ملامحها بما فيها تغير لون شعرها إلى الأشقر،، ولا سامج الله من اطفأ شبكة اتصالات يو عنا في عدن، كونه قطل وصالي بأغلى وأحلى مصدر صحفي نوعي ناعم.

#قصة_أول_تخزينة_في_الأجواء
#ماجد_الداعري

مقالات الكاتب

دبي على إنقاض عدن!

بعد أن اقنعته بصعوبة أنني من عدن جنوب اليمن وليس هوثي من صنعاء التي ينظر لها أنها منطقة قبائل متخلفة...