طفلُ الخسارات

كريتر سكاي/خاص:

كم كانَ في البدءِ 
قلبًا ضاحكًا ويدا
وكان كلَّ الرؤى مذ كان منفردا

كم كانَ 
يهربُ من حدسٍ يوزِّعهُ على الجهاتِ 
نبوءاتٍ ومُلتَحَدا

وكان يفترشُ المعنى 
كعادتهِ
وينفخُ الريحَ كي لا تختفي أبدا

وكان يهطِلُ في كلِّ الشوارعِ شلَّالًا
ليغرفَ منه الظامئون مدى

وكان يبحثُ عن برقٍ يُؤوِّلُه
وعن فصولِ انهياراتٍ 
ليتَّحِدا

ويملأُ الحرفَ حتى ينتهي
قمرًا .. قصيدةً .. 
ثم يطفو فوقهُ بَرَدا

قد كانَ آخرَ بيتٍ 
في القصيدةِ لم يُكتب بدمعِ السماواتِ 
التي فَقَدا!

* * *

لَكَم تأخَّرَ عن حفلِ السقوط 
لأنَّه 
تعوَّدَ ألَّا يخذِلَ الوتدا!

وكم تبنَّى جروحَ العالقين بهِ
وحين حطَّ جريحًا .. 
لم يجدْ أحدا

تجسدَّ الأرقُ العرَّافُ فيه 
فلم يُمسك يدَ النوم 
إلا أفلتَ الجسدا

كأنهُ 
وهو يختصُّ الهلالَ بما بهِ من الصبرِ 
لم يستكملِ العددا

كأنه وهو يعطي الشمسَ حصَّتَهُ من التوهُّجِ 
موجٌ حرَّرَ الزبدا

لا تختبرهُ 
إذا ما جاءَ تُثقِلُهُ رجلاه .. 
قد كان فيما لا يُرى مَددا

كم كان محتقنًا بالسرِّ 
تختنقُ الدنيا 
إذا جاءَها بالبوحِ محتشِدا

وكان أبهى حضورًا في الغياب 
كما تقولُ عنه الحكايا .. 
ظلَّ مبتعدا

يراقبُ الموعدَ المذعور 
مكتملًا به 
فتحرمُهُ الأيامُ ما وُعِدا

ويطفئُ الحبَّ بالحمَّى 
ويحبسُه مَسُّ الذهولِ 
الذي ما زال مُتَّقدا

همى كمطلَعِ لحنٍ 
ضلَّ أغنيةً
وصارَ يكبرُ فيها كلَّما صعدا

كفكرتينِ 
برأسِ الليل عُلِّقتا
تشُدُّ إحداهما الأخرى لتَطَّردا

كنصفِ موتٍ نقيٍّ 
لا يُرادُ بهِ إلا الحياة .. 
لذا في روحهِ انعقدا

كم كان طفلًا بريئًا ..
حينما اشتعلتْ فيهِ الخسارات 
سمَّى نفسَهُ البلدا!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبد الإله الأهدل