كتب جليل احمد: بكيل... حين تخنق العنصرية الأحلام
في إحدى القرى البسيطة، حيث يفترض أن يسود الأمان والتآلف، عاش طفل اسمه بكيل. كان بكيل مختلفًا ع...
الأَفْضَلِيّة.. لا تُشْتَرَى [هائل سعيد أنعم وشركاه]
-1-
لو كان معنا (المرحوم الحاج هائل سعيد) اليوم؛ ليرى إمبراطوريته كيف تفوقت على نظيراتها؛ بالحب المتبادل مع أبنائها. وقد مثلت حقيقة أنموذج (الشركات العائليّة) شكلا ومعنى.
من يصدق بأن هذا الفتى الذي كان ينام على سطح دكّانه سيخلد اسمه قرنا من الزمان؟
يفخر (رجال آل سعيد) الذين يتباهون بجائزة الأفضل من بين أمكنة العمل في الشرق الأوسط، أنهم ينتمون إلى تاريخ (المرحوم هائل سعيد) الذي أتقن كل شيء عمله.
فهل علمت الجائزة عن تضحية (هائل) وهو يساعد أسرته الكبيرة في ممكنات العيش؟
فما معنى أن تحبّ لغيرك ما تحبّ لنفسك. "لقد ربح البيع يا حاج سعيد".
فها هم أحفاد أحفادك يتبارون في صُنع المعروف الذي زرعته بهم. "أتذكر كيف كان بيتك مضافة للتجّار وعابري السبيل". ليتك تنهض لترى حفيدك (المرحوم أحمد) وقد جعل الخير ابنه السادس! تعلموا ألا يسبقهم إلى الخير أحد، فامتثلوا. أحبّوا الخير والإحسان وبذل المعروف وتناقلوا فيما بينهم؛ عملوا على "إصلاح ذات البين" فحلّوا الكثير من المشاكل التي لم يعرف عنها أقرب النّاس إليهم من أبنائهم، إلا من خلال النّاس بعد أنْ أخبروهم أنّ (والديهم) قد ساهموا بحلّ تلك المشاكل!
ما هذا السر الإلهي الذي تخزّن في صدورهم؛ فانفجرت منه عيون المعرفة ترى ما لا يراه الناس. وتسبق إلى حيث لا يجارون. أورثهم جدَّهم قيمه العظيمة، وتشرّبوا إرثًا من أعمامهم. وانتقل الحبّالعائليّ إلى حبّ العمل، توارثوا التّوجيه والتّربية والمتابعة والقدوة الحسنة، وأورثوها. فمثّل العمل الخيريّ جزءًا أصيلًا من قيم إرث (عائلة آل سعيد أنعم).
لقد تربوا بالسّلوك اليوميّ المشاهد والمسموع من (الجدّ المؤسس المعنوي الحاج سعيد أنعم)؛ فتشكّل وعي (الأبناء الأربعة) على حبّ الخير في تأسيسهم الماديّ، فبادروا وسارعوا لبذل المعروف ومد يد العون؛ وكما استقطعوا جزءًا من عوائد كدحهم وعرقهم لأرحامهم، أو لجيرانهم، لم تقف متطلبات ما كانوا يرسلونه إلى والدهم، وعائلاتهم من نفقات دوريّة، عائقًا أمام تلك الاستقطاعات.
كما كان (للأخوة الأربعة) شرف السّبق في تبنّي المبادرات الخيريّة في قريتهم: مثل إنشاء السّواقي، وتعبيد الطّرق، علاوة على مساهمتهم في دفع الدّيّات والأروش من جيوبهم الخاصّة."تاريخ ذهبيّ لأيدٍ تُلَفّ بالحرير"؛ حتى صار (المرحوم هائل أحمد سعيد) علمًا للخير والإحسان،وعنوانًا للمبادرات المجتمعيّة وبذل المعروف وسارت أخباره وحكاياته بين النّاس.
رواسخ أوجدها (رأس آل السّعيد) في (آل بيته) بأنهم مجموعة في واحد وواحد في مجموعة.
وعلى النّهج ذاته ربّى أبناءه، وأحفاده وأبناء العائلة والمجموعة.. فبدأ بابن أخيه الذي كان يعدّه ابنه الأكبر (الحاج علي محمد سعيد) حتى كان يُدعى (علي هائل سعيد)، ونجله الأكبر (الحاج أحمد هائل سعيد) اللّذان سارا على سيرته واقتفيا مع بقية إخوانهم وأبناء عمومتهم أثره في عمل الخير والإحسان وبذل المعروف.
وأخيرًا..
إنّ تتبّع سيرة الخير والعطاء، وقوة الانتماء للمجتمع، والمبادرة والمسارعة لمشاركة همومه والحرص على تنميته والمساهمة في النّهوض به كقيم أصيلة في الإرث العائليّ (لآل سعيد أنعم) لا يرتبط بالمال أو بالثّروة؛ بل يرتبط بالرّوح الإيمانيّة والفضيلة المتجذّرة والمتوارثة عبر أجيال القادة من أبناء آل سعيد، ومَنْ وُرّثُوا ذلك من العائلة.
ولم يكن من المستغرب أنْ يكون (لهائل سعيد أنعم)ومَن معه من إخوانه وأبنائهم في (عدن) شرف المشاركة والمبادرة، ضمن رجال الأعمال والبيوت التّجاريّة الكبيرة الدّاعمة للعديد من المشاريع التنموية، والخيريّة. فالثّروة تقاس بما عظّمت به الأثر؛ وجذّرت العمل الخيريّ في نفوس أبنائها.
وهكذا انعكست قيم الإرث العائلي المحبّ للخير على المجموعة قيادة وأفرادًا، وتعدّى أثرها ليشمل كلّ فرد من أبناء المجموعة وأهليهم وأصدقائهم..مهما تشعبت ألوانها أو تعددت أطيافها أو تفرعت أغصانها. فجذرها واحد وظلّها لا ينكسر.
د.عماد علي الخطيب
استاذ جامعي وكاتب اردني