كتب جليل احمد: بكيل... حين تخنق العنصرية الأحلام
في إحدى القرى البسيطة، حيث يفترض أن يسود الأمان والتآلف، عاش طفل اسمه بكيل. كان بكيل مختلفًا ع...
قال وزير الثقافة الأستاذ /مروان دماج في مداخلة اليمن في لقاء وزارء الثقافة في اليونيسكو عن المدينة والثقافة ان المدينة العربية شهدت في العقدين الاخيرين تطورات حاسمة، فأذا كان عدد سكان المدن قد قفز بنسب كبيرة حتى اصبح يمثل غالبية السكان في أغلبها- بل ان بعضها يعتبر من اكثر بلدان العالم ( تمدنا)-.. لكن الامر ليس كذلك في انتشار ثقافة التمدن لأننا شاهدنا في نفس الوقت ترييفا للمدن وسيادة القيم الريفية والقبلية حتى في اعرق المدن العربية .
المؤسف ايضا واولا هو اننا وفي اطار الثورات العربية التي اشتعلت منذ العام 2011م والتي كان ( الحق في المدينة ) حقا ضمنيا محرك له ، لفئات همشت وحرمت من التمتع بالمدينة والحيز المدني حتى وهي تعيش في الحواضر الكبرى، اذا حولت مناطق واحياء سكناها الى ما يشبه المعازل الجماعية – حتى اننا شاهدنا مواطن عربيا يعبر عن سعادته للسير في الشارع الرئيسي لعاصمة بلده والتي كانت ممنوعة عليه وعلى ساكنة حيه !!- المؤسف اننا شاهدنا ضمن تداعيات الحراك الثوري والاجتماعي وقمع الانظمة والثورات المضادة تدمير اقدم واعرق الحواضر العربية بل والانسانية كما في مدينتي حلب والموصل بشكل شبه كلي وفي عواصم وحواضر اليمن والشام والعراق بشكل جزئي.
نستطيع ان ان نرى في الحراك الشعبي وعلى مستوى العالم مطلب الحق في المدينة، وسؤال هل ان المدينة وفضائها هي حيز العيش المشترك والاخوة الانسانية ام مجال الاستثمار والسيطرة والتحكم .
لقد ألقت الحرب المشتعلة في المنطقة العربية بأعبائها على المدينة العربية تدميرا وتهجيرا ونزوحا ولجوءا وقيما ..واعادة بنائها تقتضي بنائها على اسس جديدة كفضاء للقاء الانساني والعيش المشترك والحوار. تختلف المسؤوليات في زمن الحرب فمساحة تواجد الثقافة تكون عرضة للهجوم والتآكل باستمرار والاخطر ما تتعرض له الاثار من حملات نهب وتدمير وتهريب وهو ما يضيف وظيفة حمائية للممتلكات و البنى التأريخية و الثقافية وحتى المثقفين الذين تدفعهم اولويات الحرب الى هامش ضيق. من المهم ان تلعب وزارة الثقافة دورا هاما ومختلفا تماما عن الدور السابق الذي إعطي لها واكتفى بتصوير الثقافة كطقس معزول عن احتياجات المجتمع والناس او كطقس ترفي في أفضل الاحوال. فالحقيقة ان ذلك ترك مساحات العمل الثقافي الملامس والمؤثر في حياة الناس لجماعات متطرفة وان جزء جوهري من اشكالية الحرب والفوضى قائم على تصورات ثقافية تخدم توجهات جماعات سياسية تخاصم فكرة المواطنة والمساواة والدولة الوطنية والديمقراطية والاحتكام للدستور والقوانيين، ما يعني ان هناك جماعات حاولت مصادرة السياسة وتفخيخ البلد باستخدام الخطاب الثقافي ومستغلة غياب العمل الثقافي المتنوع والانساني والملامس في نفس الوقت لحياة الناس.
الفن والاداب هما من يصنع الهويات الوطنية والانسانية بالطبع ، وعندما تم اهمالهما سقط المجتمع والناس ضحية للخطاب الطائفي والمتطرف. هناك ثراء نادر وتنوع فريد في الفن والثقافة اليمنية ومهمتنا هي في اخراجهما من العتمة الى الضوء ومن الادراج والخزائن الى الناس