كتب جليل احمد: بكيل... حين تخنق العنصرية الأحلام
في إحدى القرى البسيطة، حيث يفترض أن يسود الأمان والتآلف، عاش طفل اسمه بكيل. كان بكيل مختلفًا ع...
في الخساف هناك يحلو له السير حافيا على الرصيف..ويكون بمقدوره أن يمشي ويصفر على ذلك اللحن العطروشي فين التقينا وشفتك فين وقد اكتسحته بوادر عشق جميلة طوقته من كل مكان فراحت السهول والوهاد تزف اليه البشرى . كانت أشعة الشمس الحريرية تلف نفسها حول عنق الوجود وتضفي على منازل الخساف ألفة خاصة وتغسل شوارعها بماء محبة جميلة وحنان.. إذ راح يدنو من السوق ومن بائعي الباغة الصباحية الشهية فتتلقى روحه تلك السعادة الغامرة وتتلبسه تلك الأشواق فينظر إلى الأشياء بعين العاشق وقد انهمرت على افئدته صبابات السنين وغدا يشعر بخفة في جسمه ولذة في فكره واجتياح للحب والعنفوان وإذ ذاك اخذ يدلف إلى ممرات معتمة في القلب والمكان يضفي عليه متعة تنتزع مكامن الالم فيه وقد بدأ الباعة في الأسواق وعمال الميناء يهرعون سريعا الى اعمالهم وأصوات أبواق السيارات تصل الى سمعه فتنتعش روحه على مسميات غافية فيه. وفجأة على حين غرة طفق يستعيد ذكراها وبدأ هنا فقط في خضم سرور عميق ينسى الاشياء من حواليه ورويدا رويدا يدنو من حافة مشتعلة ويتخيل روحه في سماء التذكار تحيط بها سحب الماضي وتمتد أشرعة الرحيل إلى افياء الامس وتلتقي الكلمات بالكلمات والضحكات الندية بالضحكات فيغفو فيه الحزن وتتسلقه تباريح ذكرى جديدة ليتجاوز الشارع العام ويجد نفسه في وسط حافة الخساف قريبا من منزلها بجانب عشش صغار العمال..وتقدم نحو الباب الخشبي ومسك بيده المزلاج بيد أن نفس الإخفاق يعاوده نفس الالم نفس التردد فينسحب إلى الخلف ليشرق في المدى البعيد قمرها الغافي فيه.
كتب// صالح بحرق