السعودية وإتفاقية إعادة الاعمار.. مشاريع وهمية من أجل الهيمنة والوصاية على اليمن! (تحليل الاتفاقية)

كريتر سكاي/خاص:

مرت سنوات منذ توقيع اتفاقية إعادة الإعمار في اليمن والذي وقعها وزير التخطيط اليمني، مع البرنامج السعودي الذي يشرف عليه السفير السعودي محمد آل جابر، في أيار/ مايو عام 2019م، السنوات الماضية كشفت عن مشاريع السعودية الوهمية في مختلف المجالات، وبينت الاتفاقية  أن الهدف منها واضح وهو التعدي على سيادة البلد، وتكرس الهيمنة على السياسات والبرامج والخطط الحكومية.

الاتفاقية التي وقعت بين صندوق الاعمار السعودي ووزير التخطيط، تتألف من 14 مادة وكان ابرز نقاطها تقول أن السعودية أسست البرنامج السعودي لتنمية وإعادة إعمار اليمن بناء على طلب حكومة اليمنية، ويبقى السؤال من خول الجانب السعودي بذلك، إذا كانت السعودية بنفسها مسيطرة على القرار اليمني منذ هروب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى الرياض.

وتشير الاتفاقية إلى أن أحكامها تطبق على جميع المشاريع أو المساعدات التي ينفذها الطرف الأول ( البرنامج السعودي) في الجمهورية اليمنية أو يساعد في تنفيذها بما في ذلك التي بدأ في تنفيذها قبل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ"، فيما أكد المصدر أن معظم المشاريع التي تم تنفيذھا دون أي اتفاقيات أوعقود، هي عبارة عن مشاريع لأجل التسويق الإعلامي، ولم تخضع لمواصفات ومقاييس تضمن جودتها، مضيفا أن فيها عمليات فساد كبيرة، بالإضافة إلى أن كلفة التنفيذ لا تتناسب مع حجم الانجاز، بينما حجم الفساد فيها يتجاوز أحيانا 70 في المئة.

وورد في مشروع الاتفاقية، أن يقوم الطرف الأول بتنفيذ المشاريع التي تكون ضمن نطاق البرنامج استجابة للطلبات التي قد ترد من الطرف الثاني (الحكومة اليمنية) أو من أي جھة يعينھا الطرف الثاني ويوافق عليھا الطرف الأول".

فإن الاستجابة هنا خاضعة لتنفيذ المشاريع المطلوبة من الحكومة اليمنية لموافقة الطرف الأول (الجانب السعودي)، وهو ما يعني، أن الأمر في مجمله مناط بما ترغب به السعودية، لا بما  ترغب به الجانب اليمني و فقا لرؤيته في أعمال الإعمار.

"المادة الرابعة" التي منحت البرنامج السعودي حقوق تتعارض مع كل القوانين المنظمة للتعاملات المصرفية والتي منھا عمليات الإقراض، بالإضافة لمنح البرنامج حرية الاستثمار، موضحا أن البرنامج السعودي هنا خرج من أداء دوره المحدد في ديباجة الاتفاقية وبنودھا ووضعته في مصاف البنوك المقرضة وفي مصاف المستثمرين. 

ومن المعلوم أن تلك القضايا يجب ان تخضع للأسس القانونية والتشريعات المحددة للإقراض وللاستثمار في الجمھورية اليمنية. 


الفقرة رقم 2 من البند (ج) تنص على "تقديم خدمات الخبراء لأداء الوظائف التشغيلية أو التنفيذية أو الإدارية كموظفين في الخدمة المدنية للطرف الثاني (الجانب اليمني) أو كموظفين لأي جھة يعينھا الطرف ذاته، وهو ما يمنح الحكومة السعودية الحق في التدخل المباشر في قضايا تعيين الموظفين في الوظائف التشغيلية أو التنفيذية أو الإدارية وأدخلتھم كموظفين من موظفي الخدمة المدنية وفي أعمال مختلف الجھات وهو ما يتعارض مع قانون الخدمة المدنية في اليمن.


أما الفقرة رقم (2) من البند (هـ) والتي تنص على " منح الجانب السعودي إقامة ورش العمل والحلقات الدراسية وبرامج التدريب والنشاطات ذات الصلة"، وهو ماينزع، يوضح المصدر، هذا الحق والمناط به قانونيا لجهات يمنية معينة بذاتها، أو التنسيق معها، وليس إطلاق يد الطرف السعودي.

والفقرة رقم (3) من المادة ذاتها، تشير إلى أن "يقدم الطرف الأول ( المملكة) المساعدات إما من خلال الجھات الحكومية أو من خلال البعثة المقيمة في اليمن، أو من خلال التعاون مع جھة خارجية، وذلك وفقاً لما يراه مناسبا".

أن ذلك يُمكن الجانب السعودي من عمل وتنفيذ ما يرغب فيه ودون علم الحكومة اليمنية، ودون مشاركة منھا ودون استشارتها أو التنسيق المسبق معها، مؤكدا أن التنفيذ يمكن أن يتم عبر طرف خارجي يحدده الطرف الأول وهو البرنامج السعودي وفقا لما يراه مناسبا.

فيما الفقرة رقم (4) تؤكد أن يقدم الطرف الأول، أي البرنامج السعودي، المساعدات داخل الجمھورية اليمنية من خلال البعثة المقيمة أو الممثل المقيم على أن تتولى البعثة السعودية أوالممثل المقيم مسؤولية  الاتصال مع الطرف الثاني ممثلا بوزارة التخطيط والتعاون الدولي والذي يتولى بدوره التنسيق مع الأجهزة والجھات ذات العلاقة وإبلاغهم بالسياسات و المعايير والإجراءات المتعلقة بعمل البرنامج.

وتظهر هذه الفقرة بأن الاتفاقية قزمت دور الوزارة اليمنية على إبلاغ الجھات بالسياسات والمعايير والإجراءات المتعلقة بعمل البرنامج، وأن على الجهات اليمنية، ضمنا الالتزام بتلك والإجراءات التي يحددھا البرنامج السعودي في "نسف كامل للإجراءات الحكومية القانونية والنظامية".


"المادة 6" المادة المنظمة لتنفيذ المشاريع، كما جاء في الاتفاقية ، حيث تفيد الفقرة رقم (1) في البند (أ) على إلزام حكومة اليمن بمجموعة من الالتزامات التي تنتقص من حقوقها القانونية، حيث "يتم تقديم الطلبات للطرف الأول عبر مشرف البرنامج أو الممثل المقيم، وفقا لما يضعه البرنامج من إجراءات في ھذا الشأن".

والبرنامج السعودي حدد أسس تقديم الطلبات وفقاً لما يضعها من إجراءات، فيما يفترض أن يتم الاتفاق على تلك الأسس مع الحكومة اليمنية، وتكون ثابتة لاتتغير بناء على مزاج المسؤولين السعوديين عن البرنامج. 

الفقرة رقم (1) في البند ( ث) والتي أشترطت أمر تعيين ممثل الطرف الثاني "الحكومة اليمنية" بالتشاور مع الجانب السعودي، وهو ما يشير إلى إمكانية فرض من يراه. فضلا عن ذلك، اشترط الجانب السعودي أن "يلتزم ممثل الطرف الثاني بأداء المھمات التي يوكلھا إليه البرنامج، وهو ما يجعل ممثل الجانب اليمني مجرد موظف لدي البرنامج وليس ممثل لبلاده".

فيما الفقرة رقم 1 في البند (ح) تنص على "تزويد الطرف الأول ( السعودي) في حال طلبه بالبيانات والمعلومات اللازمة ذات الصلة بالمشروعات التي يتم تنفيذھا أو يتم التخطيط لھا، الأمر الذي اعتبره المصدر "تدخلا مباشرا في مهام وأعمال الحكومة اليمنية، حيث أن لها رؤيتها في التخطيط والبرمجة وتحديد المشاريع".

الفقرة رقم (3) فقد، حددت التزامات الطرف الأول "البرنامج السعودي"، ولعل المتأمل يبين المصدر، في جميع البنود التي وضعت، يجد أن ليس فيھا ما يمكن البناء عليه كالتزامات ذات أثر قانوني، سيما أنها اقتصرت على "إبلاغ الطرف الثاني بقائمة الجھات التنفيذية والشركات السعودية والموردين منها أيضا. 

ما ورود في الفقرتين (ب، د) "قمة في الاستخفاف بالحكومة اليمنية"، رغم أنها جاءت تحت بند الالتزامات من البرنامج السعودي إلا أنها تصب في صالحه عندما منحته "تعيين الخبراء والاستشاريين والموظفين والمتطوعين، في سبيل تنفيذ المشاريع، وأمر تلقي التعليمات والتوجيھات من حق مشرف البرنامج أو من يمثله، بالإضافة لاختيار الشركات والموردين السعوديين وإدارتھم وفقاَ لسياسات تلك الشركات والموردين وممارستھما".


"المادة 7.. أن المادة السابعة من الاتفاقية جردت السلطات اليمنية كل الحقوق السيادية للمشاريع المنفذة في البلاد لصالح البرنامج السعودي وجعلت حقوق براءات الاختراع والملكية الفكرية وحقوق النشر وأي حق ناشئ عن أي اكتشاف لصالح الأخير". 

"المادة 8" تفاصيل خطيرة وردت في الفقرتين الأولى والثانية من المادة الثامنة والمتعلقة بمجال الاستثمار والتي أعطت السلطات السعودية الحق في الاستثمار في المشاريع التنموية في جميع محافظات الجمھورية، وكذا الحق في الدخول في شراكات استثمارية مع شركات متعددة الجنسيات.

وبھذه المادة إن "البرنامج السعودي قد خرج عن المھام المحددة ...حتى وإن تسويق أن ذلك الاستثمار سيتم من خلال القوانين النافذة في الجمھورية اليمنية، غير أنه لا يعدو عن كونه "مدخل لإخراج الاتفاقية عن أھدافھا المحددة والتي لا تخرج عن المساھمة في أعمال الاعمار والمساعدة في تعافي الاقتصاد بالإضافة لتمويل برامج وخطط التنمية، وتحسين وتجويد الخدمات الأساسية".

إذا كان ھدف البرنامج السعودي في الأساس "الدخول في الاستثمار في اليمن، فھذا من حقه لتعزيز الشراكة الاقتصادية مع المملكة، لكن ترتيب ذلك يجب أن يتم من خلال اتفاقية مستقلة مع التأكيد على عدم ربطه بهذه الاتفاقية".

ومن أخطر ما في الاتفاقية، ما ورد في الفقرة رقم (4) من المادة (8) حيث تلزم الطرف الثاني، أي الجانب اليمني بـ"إعفاء الشركات والموردين السعوديين والجھات المتعاقدة مع البرنامج من دفع الرسوم الجمركية أو الضرائب أو التعريفات على إستيراد أو تملك أو نقل أو تخزين المعدات والأدوات المستخدمة  في مشروعات البرنامج أو اللوازم أو أي نفقات متعلقة بذلك خلال فترة عمل أو تعاقد ھذه الشركات أو الموردين أو الجھات لتنفيذ المشاريع وفقا للقوانين المنظمة في الجمھورية اليمنية ".

لا يوجد قانون يجيز ذلك.. حتى يتم اسناد ھذا الامر وفقا للقوانين المنظمة في اليمن، كما أنه لا يمكن أن يتم إعفاء الشركات والموردين السعوديين والجھات المتعاقدة مع البرنامج من دفع الرسوم الجمركية أو الضرائب، كون هكذا اجراء يتطلب تشريع قانوني.

أما الفقرة رقم 5 من المادة نفسها، فتنص على أن يلتزم الطرف الثاني ( الجانب اليمني) – بحسب مقتضي الحال- بالسماح بعرض العلامات والإشارات المناسبة وتركيبھا لكل مشروع باعتباره مشروعا قائما بمساعدة من البرنامج والشركات المنفذة لتلك المشروعات". 

 "يجب تجديد ذلك بدقة متناھية ضمن ملحق أو ضمن مادة خاصة، نظرا لتجربتهم  التي وصفها بـ"المريرة" مع الجانب الاماراتي الذي أمتھن تقديم مساعدات سطحية ووضع إشارات واعلام وصور تفوق قيمة المشاريع".

"المادة 10" وبالنسبة للفقرة الثانية من المادة رقم (10) التي تعتبر البرنامج السعودي "مؤسسة دبلوماسية، وبناء عليه يلتزم الطرف الثاني،( اليمني) بمنح المقر الرئيس للبرنامج وفروعه في والموظفين السعوديين المبتعثين للعمل فيه وعائلاتھم وممتلكاتھم الامتيازات والحصانات المقررة للمبعوثين الدبلوماسيين في البلاد.

وهذه الفقرة، "تخالف جميع القوانين والاعراف الدبلوماسية الدولية، ولا يمكن القبول بها". واستدل المصدر على ذلك بإتفاقية "فيينا" للعلاقات الدبلوماسية المبرمة في العام 1961، التي حددت  الإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول وتبين الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبلوماسية وحدود مفاھيم الحصانة الدبلوماسية، وھذا ما لا ينطبق مع "البرنامج السعودي".


"المادة 12" أن هذه المادة منحت البرنامج السعودي حق تعليق المساعدات لأي مشروع، واجاز لنفسه توجيه إشعار بتعليقها، ووضع شروط توجب على الطرف اليمني تحقيقها لاستئناف العمل وتقديم المساعدة في المشروع. 

واحتفظ الطرف السعودي، لنفسه الحق في ترتيب مصالحه في أي مشروع قائم أو مزمع إنشاؤه، في الوقت الذي تلتزم الحكومة اليمنية بالانصياع، مؤكدا على ضرورة إيجاد توازن في العلاقة بين الطرفين دونما استخفاف بحق الحكومة اليمنية. 


"المادة 13" رقم( 2) من المادة الثالثة عشر، والتي تنص : في حال عدم الاتفاق على وسيلة لحل النزاع، يلجأ الطرفان الى إنشاء ھيئة تحكيم ثلاثية يختار كل طرف ممثلا عنه عضوا في الھيئة، ويختار العضوان بالاتفاق مرجحا ثالثا، وتكون قرارات اللجنة نھائية وملزمة للطرفين". 

"كون الاتفاق يتم بين دولتين وأن بنود  الاتفاقية تتضمن المساھمة في اعمال الاعمار والمساعدة في التعافي الاقتصادي، بالإضافة لتمويل برامج وخطط التنمية، وتحسين وتجويد الخدمات الأساسية، وكل تلك الاعمال تندرج في اطار التبرع والمساھمات غير الربحية".
 فيما يُمكن هذا النص الطرف الأول ( السعودي) من  تحقيق عوائد مالية قد تفضي لنزاع يستوجب معه التحكيم بھذه الطريقة التي توضع عادة في اتفاقيات الأعمال التجارية.


"المادة 14" وتشير الفقرة الأولى من هذه المادة إلى "أمر سريان الاتفاقية من تاريخ التصديق عليھا"، فيما يشدد المصدر على أھمية اخضاع ھذه الاتفاقية للتصديق من مجلس النواب خاصة أنها تمنح البرنامج السعودي امتيازات وحقوق وحصانات واعفاءات جمركية وضريبية.

علاوة على ذلك، ھناك ما يشير إلى انتقاص من الحق السيادي للجمھورية اليمنية وتعارض مع معظم مواد الدستور والقانون، أن هذه المادة لم تضع اطار زمني للاتفاقية ، ذلك أنها غير محددة بفترة زمنية، وھذه من السوابق التي لم تحدث في أي اتفاقيات. وإن وضع شرط انھاء الاتفاقية بـ (12) شھرا على الأقل من التاريخ المحدد لانھائھا تعد فترة طويلة جدا لذلك.

أما ما ورد في الفقرة الرابعة من المادة الأخيرة والتي تشير إلى إخضاع أحكام ھذه الاتفاقية جميع العقود والاتفاقيات السابقة المبرمة بين الطرف الثاني والبرنامج، وهو أمر لايمكن القبول به لجهالة الحكومة بتلك الاتفاقيات والمشاريع السابقة، ولتعارض موادها مع القوانين النافذة في اليمن.