القضية الجنوبية والوحدة



اختلفت التحليلات حول سبب إقدام النظام الحاكم في الجنوب على حرق المراحل والذهاب نحو الوحدة الاندماجية الناجزة دون تدرج طبيعي او ضمانات كافية. ولكن الذي لاخلاف حوله هو أن الفصيل الجنوبي الموقع على الوحدة قد اعتبر ما حصل من اخلال بالشراكة ونقض الاتفاقيات معه، والتضييق الذي وصل في النهاية لخسارته الحرب وضياع السلطة ومكتسباتها اعتبر ذلك هو القضية الجنوبية ..


هناك طرف جنوبي أو لنقل مجموع مكونات وشخصيات يعتبرون أن بدأ قضيتهم في الجنوب كان في ٦٧ بل وقبلها حين بدأ الإقصاء واستخدام العنف ضد المخالف في بدايات تكوين الدولة القطرية في جنوب اليمن وصولاً للخطوة الكارثية المتمثلة في تجريف كل مقومات المجتمع من أحزاب ومكونات سياسية ومكونات إجتماعية ومدارس فقهية دينية ورأس مال ومنظمات مدنية وكل صاحب رأي حر او منظومة لا تخضع للنظام الحاكم وقتها .. 


 منذ ٢٠١١ ونحن نطرح أن القضية الجنوبية لها جذرين أو بعدين الأول يتعلق بالشراكة مع الشمال والتي تم تحويلها إلى استبداد أفسد حلم اليمنيين في دولة عدالة ونظام وقانون وذلك من قبل نظام علي صالح . والثاني البعد الجنوبي الداخلي الذي يتمثل في ثقافة الإقصاء والتفرد ومصادرة حق الآخر الجنوبي في الحرية والكرامة والعدالة والتنكيل به ومصادرة قراره منذ الاستقلال .. 


كان الجنوبيين من مختلف المكونات قد استشعروا أن استبداد مابعد ٩٤ قد وصل لحد لم يعد الاحتمال ممكناً خصوصاً وقد وصلت الأمور لطرق مسدودة فنتج عن ذلك انطلاق الحراك الجنوبي السلمي وصولاً لحرب ٢٠١٥ والتي كان من أهم مخرجاتها رفع يد الاستبداد من الجنوب وعودة الجنوب إدارةً وقوات أمن ليد أبنائه .. فلماذا لم تنتصر القضية ؟؟ 

والجواب باختصار هو أن جذر القضية الجنوبية الناتج عن استبداد ٦٧ لايزال يلقي بظلاله على الجنوب ولم يستطع الجنوبيون إيجاد عقد بينهم يؤسس لتعايش وقبول يجنبهم تكرار أخطاء الماضي الذي أطل برأسه بطريقة أكثر فوضوية من الماضي .. 


لم تكن مشكلة الجنوب في ٢٢ مايو الذي مثل نقطة التقاء لطرفي الجنوب السابقين قدر ماهي مشكلة مع الاستبداد ومحاولة الاستئثار بالسلطة والثروة واستخدام قضايا الوطن في سبيل ذلك سواء قضية الوحدة أو قضية استقلال الجنوب .. 


اليوم ونحن نعيش أسوأ وضع تمر به اليمن منذ استقلال شطريها وقد باتت الدولة في أسوأ حالاتها محتاجون الى تركيز الجهد نحو مشروع واحد تجمع عليه كل مكونات الشعب اليمني وهو مشروع استعادة الدولة اليمنية وبسط نفوذها وتفعيل كافة مؤسساتها . وفي أثناء ذلك تنطلق حوارات مختلفة تؤسس على كل مكاسب وايجابيات تحققت وتضع خارطة طريق واضحة جداً لا تسمح بعودة عدو الثورتين اليمنيتين الأكبر ((الاستبداد)) وتتيح لكافة مناطق اليمن ومكوناته الشراكة في القرار والحكم. ولدينا مشروع مسودة دستور ومخرجات حوار يمكن البناء عليها نحو إيجاد دولة إتحادية تحقق لجميع اليمنيين مايصبون إليه. ومن لديه أي مشروع او حلول بعيداً عن الشعارات فليتفضل فالمرحلة حساسة ودقيقة لاتحتمل المغامرات أو المزايدات ..

.

.

علي سعيد الأحمدي

29 مايو 2019م

مقالات الكاتب