ما بين جدة والحديدة

كم اتحسر عندما ارى شعوب العالم مستقرة وتعيش العصر بكل ما فيه من تطور وحياة ورفاهية وتكنولوجيا وعلوم وصحة وتعليم فيما نحن نعيش عصر الظُلمات وحروب داحس والغبراء. 

ما الفرق بين جدة وبين الحديدة مثلاً؟؛ كانتا في نفس المستوى قبل حوالي خمسة عقود؛ لكن بالمقارنة اليوم نجد ان جدة قفزت قرون عن الحديدة؛ الاستقرار في النظام ووجود دولة قوية مكن جدة من هذه المقومات.

المدن الساحلية مهيئة للتطور بمقومات ذاتية؛ فقط تحتاج الى من يديرها ويفتحها للاستثمار ولا يحتاج بعدها لأموال نفط ولا غاز؛ فالأمن والاستقرار عماد النهضة أكثر من أي شيء آخر.

ازور جدة هذه الايام وأتجول في شواطئها وازور اسواقها ومطاعمها؛ تطور متسارع وانفتاح مدروس؛ يراعي الأعراف والتقاليد؛ فتجد الحفلات الموسيقية والغنائية وغيرها من الفعاليات التي اعادت جدة لما كانت عليه قبل عام ١٩٧٩م؛ سنة نكبة منطقتنا بما سمي بالصحوة الاسلامية التي دشنتها ثورة الخميني في ايران؛ وتبعها ظهور تيارات وجماعات في المملكة دخلت في منافسة على التطرف وتمثيل الاسلام المحافظ؛ فظهر جهيمان العتيبي والحركات الجهادية ومختلف الجماعات المتطرفة في دول المنطقة.

اليوم جدة تستعيد نفسها؛ وتزيل عن كاهلها ثلاثين عاماً أستقطعتها تلك الجماعات وذلك المناخ المتشدد من حياة الشعب السعودي.

أكتب هذا الموضوع من داخل أحد مطاعم جدة على أنغام الموسيقى وصوت شاب يغني وأسر وشباب يعيشون حياتهم كباقي شعوب الأرض. 

مقالات الكاتب