زرعنا التطرف والرجعية فحصدنا التخلف والإرهاب

علي البخيتي

زُرعت الخرافة لعقود طويلة في وعي أطفالنا وشبابنا ولا تزال تُزرع الى اليوم عبر التعليم الرسمي في بلداننا العربية والاسلامية؛ فأنتجت أجيال كاملة من المعاقين ذهنياً؛ ولم يتجاوز الإعاقة إلا من حدَّث بنيته المعرفية عبر القراءة من خارج الصندوق (التعليم الحكومي).

في كوريا الشمالية مثلاً لا يمكنك إقناع شبابها أن زعيمهم معتوه ومتخلف؛ وأن نظرياته ووالده قبله للحكم غير صالحه لهذا الزمان وأنها السبب الرئيس لمعاناتهم وعيشهم خارج العصر للدرجة التي لا وجود عندهم لأي مظهر من مظاهر الحياة العصرية؛ ويعيشون في عزلة تامة لا يمكن تخيلها؛ كل هذا لأن نظامهم التعليمي أقفل عقول ثلاثة أجيال على الأقل.


مثلما يتم تدريس العلوم الحديثة في الدول الغربية؛ وتعليمهم قيم الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية واحترام الآخرين وتقبلهم والتعايش معهم؛ وتلقينهم منذ نعومة أظفارهم ان التنوع والتعدد سمة بشرية؛ وان الاختلاف في اللون والعقيدة وحتى في الأفكار لا ينبغي أن يقود الى صراع أو حتى احتقار الآخر؛ لسبب بسيط؛ لأنه لم يختر لونه ولا عرقه ولا دينه؛ وأن النظام والقانون هو الحكم في أي خلاف؛ وأن الدولة ومؤسساتها وقوانينها يجب أن تكون على مسافة واحدة من كل تلك الاختلافات والتنوعات.


ذلك النوع من التعليم ينتج أجيال سوية متصالحة مع نفسها؛ فتجد الشباب في المدرسة والجامعة الواحدة رفقة معاً؛ يخرجون ويمرحون؛ وغالباً لا أحد منهم يعرف عقيدة الآخر ولا يسأل عنها وإن عرفها من الشكل أو دلالة الإسم لا يخوض في نقاش حولها؛ ويتعامل معك كزميل وانسان فقط؛ يهمه ان تتعامل معه بايجابية واحترام وصدق وهو يبادلك نفس المعاملة.


ولأن منظومة التعليم الحكومي في بلداننا العربية والاسلامية متخلفة وخارج سياق العصر ولا تزال تلقن أطفالنا وشبابنا خرافات عفى عليها الزمن فإنها تنتج أجيال من المتعصبين دينياً المعتقدين انهم ورثة الله على الأرض وغيرهم إما كفار او مسلمين منافقين تشوه اسلامهم؛ وعندما يلتقون مع الآخر يكون همهم هدايته ولذا تتمحور أسئلتهم الأولى حول العقيدة؛ واذا ما تيسرت لمجموعة منهم الحكم أو الغلبة فيكون الإرهاب هو الحاكم؛ ثم نسأل أنفسنا من أين أتى هذا التطرف والإرهاب؛ وننسى أننا فقط زرعنا ما حصدنا.

مقالات الكاتب