الرأفة بمن رُفِع عنهم القلم

في أحد مساجد عدن شاب يمزق القرآن في الحمامات، ويتم ضربه على الوجه، وبهذلته، وإهانته، وبعدها نسمع مناشدة من أسرته التي بعثت بمنشور تطالب فيه بالرأفة بابنها المريض نفسياً، من هنا دعونا نناقش مثل هذا التصرف لهذا الشاب، والتصرف لمن هاجموه، وبهذلوا به من باب الغيرة على كتاب الله، بالنسبة لتصرف الشاب فقد كان خارج عن المألوف، بل كان تصرفه مستنكراً، وكلنا استنكرنا فعلته، ولكن لا يعني هذا بهذلته، وضربه، ولكن كان من المفترض بعد أن تم القبض عليه تسليمه للجهات الأمنية للنظر في حالته، ولماذا يقوم بهذه الأعمال المنافية للقيم، والخارجة عن الدين، ونستدل على كلامنا هذا بموقف حصل أمام رسولنا صلى الله عليه وسلم، ذلك الرجل الذي بال في المسجد، فكاد الصحابة أن يضربوه، ولكن رسول الإسلام، قال لهم بما معناه دعوه حتى يكمل، ثم دعاه، وعلمه أن هذه الأماكن تنزه عن مثل هذه الأشياء، وطلب من أصحابه بأن ينظفوه، ولم يطلب من الشخص بأن يقوم بتنظيفه، فقط علمه، وتركه يذهب.


أما ما رأيناه من ضرب، وبهذله لذلك الشاب الذي أكدت أسرته أنه مريض، فهو مناف لكل القيم الإسلامية، وسواء أكان مريضاً، أم غير مريض، فلا يجوز ضربه، ولا إهانته، ولكن يسلم لولي الأمر، ليحكم فيه، أما هكذا، فإننا نخالف الشرع.


حادثة حصلت في أحد مساجد عدن، مجنون يدخل إلى المسجد، ويسب للرب، ولم يكلمه أحد، وأخذ نفسه، وذهب، فلو قام من في المسجد، وضربوه، فماذا سيستفيدون؟ فسيزيد سبه، وهو في الأصل قد رفع عنه القلم، لأنه مجنون.


متى ستغرس مساجدنا مثل هذه المفاهيم فينا؟ يجب على الدعاة أن يبينوا للناس مثل هذه الأشياء، فلو أن كل واحد منا قام بتطبيق الحدود من نفسه، فستختل الحياة، بل يجب أن يسلم كل مخالف للشرع إلى الدولة، والقضاء هو من يحكم فيه وفق الشرع، فتخيلوا أسرة ذلك الشاب وهي ترى ابنها المريض، وهو يضرب، ويهان بتلك الطريقة، فمجتمعنا بحاجة لمراجعة مفاهيمه الدينية، فديننا دين الرحمة، دين الرفق، فكل شيء يمس الدين يجب رفعه لولي الأمر، والقضاء من يحكم فيه، ويجب على الدولة أن تأخذ المرضى النفسيين من الشوارع، ووضعهم في مصحات نفسية، فكل يوم نرى الكثير منهم، وهم يجوبون الأسواق، وتتكشف عوراتهم، وهذا يمس إنسانيتهم، وكم من مناظر مقززة نراها في شوارعنا يجب على أصحاب الاختصاص القيام بدورهم، فالمرضى النفسيون مكانهم المصحات النفسية حتى لا يسببوا الأذى للناس، وحتى تصان كرامتهم، وإنسانيتهم.

مقالات الكاتب

ليلة القبض على راتبي

  عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص،  وص...