مقال ل أنور الصوفي: ليس كل من امتطى ظهر الحصان قال خيال

مما لا شك فيه أن لكل حقبة زمنية من الحكم إيجابيات، ولها سلبياتها، ولكن عندما تطغى السلبيات هنا يتوقف المحللون، والقانونيون، والسياسيون، ليحكموا على فشل هذه الدولة، وطبعاً الفشل يأتي متأخراً من عمر الدولة، فبداية تمرض ويتعطل كل شيء فيها تدريجياً، حتى تصنف دولة فاشلة.


ولكن يبدو أن المجلس الانتقالي قد بدأ يمارس الفشل من البداية، فمن خلال إعلانه للحكم الذاتي الغريب في تسميته بهذا الاسم، فهذا يدل على اعترافه بالسلطة القائمة التي يمنع عودتها لممارسة عملها كسلطة مركزية يقع حكمه تحت سلطتها، فبهذا الإعلان حمَّل نفسه ما لا يطيق، لأنه بهذا الإعلان ألزم نفسه توفير كل ما يطلبه الشعب من خدمات، ومعاشات، وأمن واستقرار، ورفاهية، وهو أصلاً لا يجيد حتى كيفية التعامل معها، فمنذ تسلمه لعدن انقطعت كل الخدمات، وبهذا الإعلان يؤكد تحمله للمسؤولية كاملة، فهو الآن بمثابة الحاكم الفعلي لعدن، وللجنوب، هذا وفق إعلانه الذي أعلنه في ساعة غفلة سياسية من قادته الذين بلغ بهم العمر عتياً.


لا يحسن الانتقالي التصرف مع الفرص التي تُهدى إليه، فقبل هذه الخطوة الطائشة كان عليه ترتيب البيت العدني، وجعل عدن أنموذجاً فريداً في كل شيء، وذلك من خلال مراقبة المؤسسات التي كانت تعمل وهو المسيطر على عدن، بعد هذه الخطوة كان الأجدر به قبل إعلانه الذي سبق ولادته بأشهر، لهذا فهو مولود خداج، كان الأجدر به دعوة كل مدراء المرافق الحكومية الذين هم معينين بقرارات لا غبار عليها، والجلوس معهم ليبين لهم أن الظرف يتطلب تعاون الجميع، وبناءً عليه مساعدتهم في القيام بأعمالهم، وتنفيذ خططهم تحت إشرافه، وعندها ستتحين الخدمات، وهنا يقتنص الفرصة، ويعلن عن مشروعه، وصدقوني المواطن لا يريد من الدولة إلا خدمات، ومعاشات، وأمن واستقرار، وأرسموا له صورة جني مصور، وسيهتف باسمه، بالروح بالدم نفديك يا صاحب الصورة.


أما تريد تحكم في ظل غياب الكهرباء، والماء، والراتب، والأمن، والطريق، فهذه صعبة، فاليوم عدن المجاري في كل مكان، والأمراض بسببها تقتل المواطنين، والكهرباء شبه طافي، والماء مقطوع، والطرق محفرة، والراتب توجيهات، ولكنها لم تنفذ، فكيف تريدون تحكمونا؟! فليس كل من امتطى ظهر الحصان قال: أنا خيال، وفروا لنا خدمات، وارسموا لنا صورة، أي صورة، وقولوا هذا هو الرئيس، وسنهتف بالروح بالدم نفديك يا رئيس، فلقد غدا عندنا في عدن لا فرق بين صورة، وصورة، لأن الدنيا مظلمة.

مقالات الكاتب

ليلة القبض على راتبي

  عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص،  وص...