لا حرية إذا ما بكت من كل عين

بحثنا عن الحرية، وقالوا إن ثمنها غال، بحثنا عنها فأجابونا، لا حرية إذا مابكت من كل عين، بحثنا عن حريتنا فقال الشاعر: وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق، فدققنا كل أبواب الحرية حتى كسرناها، فكان ثمن الحرية بكاء العيون، ولكننا لم نر الحرية، ولكننا رأينا حشوداً تبكي لها العيون، حشود هنا، وحشود هناك، حشود تصرف عليها الملايين، والعيون تبكي، وهي تبحث عن الحرية، ولكن لم تلح لنا الحرية في الأفق.


لا حرية إذا ما بكت من كل عين، قالها الشاعر، ولم يكن يعلم أن العيون ستبكي، ولكن الحرية لن تأتي، لأن من يبحثون عن الحرية أعمتهم الدولارات، والدراهم، والريالات، لا حرية نلناها، ولا عين قرت، فبكت شرائح المجتمع، وضحك من يحشد المساكين، ضحكوا، لأنهم أكلوا الملايين، ووزعوها في حساباتهم، وأعطوا الفتات للمساكين الذين رضوا بأن يكون ثمنهم رخيص إلى هذه الدرجة.


لا حرية إذا ما بكت من كل عين، فلقد بكت عيون المساكين، وكان بكاؤها مراً، ولم تأت الحرية، وتبسم تجار الحروب، بل ضحكوا، وقهقهوا على سذاجة أولئك المساكين الذين خرجوا يطلبون الحرية، وكان عنوان حريتهم: الشعب يريد إسقاط النظام، فكم كان هذا الشعب ساذجاً عندما كان يهتف لإسقاط النظام، فما بعد سقوط النظام إلا العصابات التي نراها اليوم تجوب الوطن، فبكت العيون، ولكن الحرية لم تأت كما وعدنا الشاعر، بل جاءتنا الفوضى، وبكل ألوانها، وصورها.


تكاثرت هذه الأيام الحشود، والحشود المضادة، وهذا يعني أن الشعب مازال مغفلاً، وساذجاً عندما يركن لمن يحشده، ولم ينظر لمصالحه، فما يصرف على الحشود هذه الأيام كفيل بإقامة الخدمات من مياه، وكهرباء، وطرقات، وتعليم، وصحة، وأمن واستقرار، ولكن أصحاب الحشود وجدوا ضالتهم في هذه الحشود المغفلة، وسيدوسون على هذه الحشود حتى يصلوا لمبتغاهم، وعندما سيتألم الشعب منهم، سيجيبونه، لا حرية إذا ما بكت من كل عين، فابك أيها الشعب، فلقد فرطت في النظام.


ابك أيها الشعب الباحث عن الحرية، واعلم أن من دعاك لحشد، أو لمظاهرة، اعلم علم اليقين أنه سيجعل منك مطية ليصل لمبتغاه، وأساتذة الحشود معروفون، فلا تصدقوهم، فمن يبحث عن الحشود، فهو فاشل، ولا يستطيع الوصول لكرسي السلطة إلا على ظهور الحشود من المواطنين السذج، فارفضوهم، فيا أيها المواطن الحر لا تجعل قيمة خروجك شوالة بصل، وحاشدك سيتذوق من وراء خروجك العسل، فاحذر، واقبل النصح، ولقد نصحتك إن قبلت نصيحتي، والنصح أغلى ما يباع، ويوهب، وسلامتكم.

مقالات الكاتب

ليلة القبض على راتبي

  عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص،  وص...