ليلة القبض على راتبي
عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص، وص...
سأوجع في طرحي هذا، وسأقسو على بعض الأطراف في الشرعية، فليتحملني الجميع، لأنني لا أحتمل أن أرى المواطن يُهان، ويتبهذل، والقرارات تُسلب، والخدمات تتعطل، والدولار يتجاوز الألف، والمواطن لا يجد ما يأكله، ولا ما يلبسه، ونحن نصمّت أقلامنا لعل وعسى، فلقد بلغ السيل الزبى، ولم نر من الشرعية إلا الانكماش حتى أصابها التقزم، فلا حدود لها إلا في أماكن محدودة في أبين وشبوة وحضرموت والمهرة ومأرب، وباقي الوطن لا يد لها فيه، ولا تستطيع حتى تحريك طقم على ترابه، وغدا المواطن في مناطق سيطرتها تحت خط الفقر، بل أنه اصبح تحت سنابك الفقر، فلا رواتب، ولا خدمات، ولا بوادر انفراجة للوضع، والشرعية نائمة في العسل، وكأن شعبها يغوص حتى أذنيه في النعيم.
فمن هنا سيؤلم طرحي أطراف الشرعية، وسأقسو عليها، لأن الشرعية لم تعد على قلب رجل واحد، فصاحب الفخامة الرئيس هادي تقلصت صلاحياته حتى كادت تنعدم، والدكتور معين توسعت صلاحياته، واكتسب أهمية كبيرة من خلال اتكائه على دعم التحالف العربي له، فأصبح الرجل يمثل شرعية توازي شرعية الرئيس، وتساويها في العجز، فالشرعيتان لم تستطيعا توفير الخدمات في المناطق التي تسيطران عليها، ولم تستطع الشرعيتان حتى صرف معاشات الجُند حتى في مناطق سيطرتها، أما النائب محسن فقد خفت بريقه، ولا ندري هل هي قفوة ثم يعود ليمارس دورًا أكبر، أم أن قفوته ستطول حتى قيام الساعة؟ أما صاحب مقولة قلع العداد البركاني الذي يقود ممثلي الشعب الصامتين، فقد اكتفى برئاسة مجلس النواب، والوقوف خلف ابن محافظته الدكتور معين، لهذا فالشرعية تتقاسمها رؤوس كثيرة، وستسقط لا محالة، والتحالف لا يريد سقوطها في الوقت الراهن إلا بعد ترتيب نفسه، وإلا فهو يعلم أن الشرعية، لم تعد تمتلك شيئًا إلا قوتها المكتسبة من التحالف، فهو يستخدمها ككرت لبرمجة طموح الانتقالي في الجنوب، وأحلام السيد في الشمال.
ويقف في الساحل الغربي الباحث عن كرسي عمه تحت مبرر الثأر لعمه، هذا المتحفز، والطموح المدعو طارق عفاش الذي لن يتبين توجهه هل هو مع الشرعية، أم مع الحوثي، أم مع الانتقالي؟ فهذا موال لحاله، وحكاية لم تبدأ فصولها بعد، فلديه جيش، ولديه دعم من التحالف، وعلاقات طيبة مع الانتقالي، وتبادل منافع مع الحوثي، ولا يتنكر لشرعية هادي، ولا يعترف بها، ولديه طموح للوصول لكرسي عمه، بل رغبة عارمة لذلك.
أما الانتقالي فقد بسط وتمدد، ولم يتبق له إلا حسن اختيار ممثليه، والتركيز على خطب ود الشارع من خلال العمل على الخدمات، وحسن التعامل مع المواطن، وسيكون المستقبل له في الجنوب بلا منازع، وقد بدأت خطواته وذلك من خلال القرارات الجريئة التي اتخذها قادته في عدن، والحوثي كذلك عليه ترتيب نفسه لاستلام الشمال كله، وعليه الابتعاد عن البكاء على ماضٍ تولى، وعليه الكف عن اللطم والولولة حاليًا، فمستقبل الشمال بيده، وعلى أطراف الشرعية ترتيب وضعها مع الطرفين، فالجنوبيون عليهم أن يضعوا أيديهم في يد إخوتهم الجنوبيين في المجلس الانتقالي، وشماليو الشرعية أظنهم قد وضعوا يدهم في يد السيد من تحت الطاولة، ولم يتبق لهم إلا رفعها فوق الطاولة ليقتدي بهم إخوانهم في شرعية الجنوب.
وبهذا نصل إلى حقيقة مفادها أن الجنوب سيكون تحت شرعية الانتقالي، والشمال لمملكة الحوثي، وستكتظ الجنوب بالشماليين الهاربين من ظلم السيد، وسيعود الجنوبيون لمعسكراتهم في الشمال، وهذا هو حالنا الذي لم نستطع مغادرته، وإن أرادت الشرعية بقيادة فخامة الرئيس هادي تعطيل طموح الجميع، فعلى فخامة الرئيس اتخاذ قرارات صارمة، تطبيق اتفاق استكهولم، والرياض، والتنسيق مع التحالف الند للند، وذلك من خلال رفع يد المعطلين في المحافظات المحررة، والعمل على تشغيل الموانئ، والمطارات، وتصدير النفط، والتركيز على أن تكون كل الإيرادات إلى وعاء واحد، وعدم رمي أي ريال في الكيس المثقوب، وبهذا سيعود الاستقرار في صرف العملة، وستستقر الأسعار، وستنعم اليمن بخيراتها، وإن لم يجد فخامته مساعدة من التحالف، فعليه أن يغادر المملكة، أو يقدم استقالته، فالشعب يموت جوعًا، وأصبحت القرارات مسلوبة، وخلال هذا العام سيهلك الشعب، إن لم يأكل لحم جلاديه، وسلامتكم.