خالد بحاح سفير بحجم وطن
عبر بعض السجناء اليمنيين الذين يقبعون في السجون المصرية عن فرحتهم واعتزازهم بزيارة السفير خالد بحاح...
ولد المؤتمر الشعبي العام من رحم الحوار الوطني بين القوى السياسية ، وكان أول تجربة ديمقراطية في الوطن العربي ، تعرض الحزب إلى هزات كبيرة مثله ، مثل الأحزاب العربية التي ولدت في رحم السلطة ، إلا أنه الحزب الوحيد الذي نجا من الاندثار بعد أحداث العام 2011 ، يعود السبب في ذلك إلى حجم قواعد المؤتمر ، بالإضافة إلى كونه نتاج لأفكار جميع النخب السياسية والاجتماعية اليمنية .
تجاوب المؤتمر مع التغيرات التي ألمت به سواء في العام 2011, أو في العام 2014, كان للحزب القدرة على التأثير في نتائج تلك التغيرات ، لكن بعد انتفاضة الثاني من ديسمبر 2017, أثبتت الأيام عدم قدرة الحزب على تحقيق أهدافه ، بل تبين أنه أصبح محض ألعوبة في أيدي جهات فاعلة وظروف خارجة عن إرادته ، فهو منقسم بين قيادات في الرياض صادرت قرار المؤتمر لصالح التحالف وقيادات في صنعاء صادرت القرار لصالح الحوثيين .
وللخروج من هذا المأزق يتحتم على قيادات الحزب والقائمين على إدارته أن يتصرفوا بموجب خطة استراتيجية قائمة على الحوار بين المؤتمريين أنفسهم وبين المؤتمريين وبقية الصف الجمهوري ، أي أن الحزب يحتاج إلى استراتيجية تنظيمية تدمج وظائف الحزب ووحداته ضمن استراتيجية أكثر تجانسا .
يحتاج الحزب إلى التخطيط الاستراتيجي ، لكي يتجاوز ثنائية التبعية للتحالف والحوثي ، فخطوط المعركة يجري رسمها على أساس تأييد الحوثيين الذين يتبنون النظام الإمامي على حساب النظام الجمهوري ، وتأييد التحالف بعيدا عن القرار الوطني ، والطرفان يتصرفان وفقا لمصلحتهما الخاصة وليس وفقا لمصلحة الحزب أو المصلحة الوطنية .
من الواضح أن الأطراف الفاعلة في الحزب تتنافس فيما بينها على النفوذ والموارد والسلطة ، فالقيادات التي في صنعاء تعمل على تجريف أموال وممتلكات الحزب ، والقيادات التي تتبع التحالف تتقاضى أموالا باسم الحزب والجميع تجمعهم المنافسة الجشعة ، وأصحاب الثاني من ديسمبر يواصلون التفجع على الثورة والجمهورية ، لكنهم يبقون عاجزين عن المضي قدما ، لأنهم يعانون من أزمات على مستوى التنظيم والتمويل والقيادة والخطاب ، كل هذا جعل قواعد المؤتمر حائرة وتعيش حالة من الاستقطاب الحاد ، وربما يستمر الفراغ وتسود فترة من عدم اليقين السياسي لمرحلة قادمة .
وهنا تثار الأسئلة ويجاب عليها فيما يتعلق برؤية الحزب السياسية وكيف يمكن الجمع بين رؤية الحزب للإمامة وبين القيادات التي تتشبث بإعطاء المشروعية للإمامة وإعطاء دور مهيمن لها على الجمهورية ، وكذلك بين رؤية الحزب للتدخلات الخارجية وبين القيادات التي تماهت مع التدخلات الخارجية وإغفالها للمصلحة الوطنية .
الذين يصطفون مع الحوثي يشاركون في نشر خطاب الكراهية ضد المعارضين للحوثي واعتبارهم عملاء ومرتزقة ، والذين يصطفون مع التحالف يشاركون في نشر خطاب الانفصال والتسليم بانتهاك السيادة ، هذين الخطابين يخلقان مناخا يفضي إلى مزيد من الكراهية بين المؤتمريين بعضهم البعض وبين المؤتمريين والصف الجمهوري .
لهذا فإن الاحتفاء بالذكرى ال39 دون التفكير بما يمكن الحزب من البقاء موحدا ، وحين نقول موحدا ، فإننا نعني قدرة القيادة على التوحد في إطار استراتيجية تساعد على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية ، وبدون ذلك ستظل إمكانية عقد مصالحة بين قيادات صنعاء والرياض بعيدة المنال ، ومثلها المصالحة بين المؤتمر والصف الجمهوري ، وسيظل الحوثي مهيمنا على تشكيل الملامح الرئيسية للمؤتمر ، وبالمثل سيفعل التحالف ، لكن الأمل يظل معقودا على قواعد المؤتمر المشبعة بالكبرياء والهوية الوطنية .
عادل الشجاع