قضية الجنوب أكبر من دُعاة حملها!

ما زالت بعض المكونات الجنوبية الحزبية والسياسية والثورية تعاني من حالة الضعف والوهن، وما زالت صغيرة إذا ما قورنت بحجم القضية التي تتسابق وتتقاتل على تمثيلها، ومازالت تلك القضية العادلة، إلى اللحظة، كبيرة وعملاقة أمام تقزم بعض تلك المكونات والأحزاب، الذي يحول من دون بلوغ حجمها والاحساس بسموها!


من عبثية ثقافة الثورة في الجنوب أنها أفرزت عقليات تؤمن بثقافة إغلاق الأبواب، إذا جاز التعبير، فأصبحت في تعاطيها مع الآخر المختلف معها أو حتى في تعاملها  مع أعضائها أحياناً، خصوصاً الأعضاء الذين تستقطبهم تلك المكونات كتكملة عدد أو لغرض التدليس وادعاء التنوع، كالجسد في تعامله مع أي جسم غريب، فمثلما يستنفر الجسد كريات الدم البيضاء ويعلن الحرب على ذلك الجسم الغريب، تستنفر تلك المكونات والأحزاب كريات عدوانيتها ضد الرأي المختلف معها، مع الفرق بأن أفعال الجسد تنطلق من طبيعة صحية، بينما أفعال تلك المكونات تنطلق من غريزة مرضية!


لم يدرك بعد الكثير من الساسة في الجنوب وكذلك الثوار، إلا من رحم ربي، حقيقة أهمية أن تفتح الأبواب المغلقة على الرأي الآخر، وأهميتها من حيث تجديد الهواء خلف تلك الأبواب ومن حيث السماح للصوت الآخر بالوصول إلى مسامع القابعين خلف تلك الأبواب، ليعرفوا مكانتهم التي وصلوا إليها في أعين المحيط الذي يشكلون جزءاً منه، ومن حيث الالتقاء بالتغيرات التي يشهدها محيطهم الإقليمي والدولي، ومن حيث خلق التكامل الذي تفرضه قاعدة أن لكل إنسان إمكانات وقدرات تمكنه من القيام بما يعجز عنه إنسان آخر، وبالتالي فإن إطلاق سراح كل القدرات التي تقبع خلف كل الأبواب المغلقة لتلتقي بغيرها يعني المزيد من النجاحات !


تتناسخ وتتوالد المكونات والقوى والأحزاب التي تدّعي الإيمان بالقضية الجنوبية وتنادي بحقها بتمثيل تلك القضية، ولكن ومع كثرة توالدها وتناسخها تنتحر وتموت لديها كل يوم ملكات الإبداع في خلق الوسائل التي توصل بهذه القضية إلى منتهى اهدافها !


اعتدنا في الجنوب أنه بمجرد أن يعلن أي مكون او حزب عن قيادته ويرفع التقرير لولي ماليته، يغلق الباب على نفسه ويرمي ملف القضية الجنوبية جانباً، ويضع على المنضدة ملفاً آخراً لمحاربة المنافسين له على تمثيل القضية، وتكون هذه أولى خطوات التلقيح لميلاد المكون القادم، الذي بدوره أيضاً يكرر ما فعله سلفه، ومع تكرار التلقيح وازدهار ثقافة الانغلاق تتوه القضية وتطفو على السطح قضايا أخرى، ووسائل تتماشى مع تلك القضايا الأخرى وتغيب وسائل القضية الرئيسية!


من علامات ضعف ووهن وعجز بعض تلك المكونات أيضاً أنها حاضرة  وبشراسة ضد بعضها، وغائبة تماماً في مواجهة خصوم قضيتها التي تدّعي حمل أهدافها، وخير دليل على ذلك ما نراه على الساحة الجنوبية اليوم من عجائب يحل فيها طارق عفاش وأتباعه ضيوفاً أعزة على الجنوب، بينما تصدر التعليمات والكشوف بمئات الأسماء لمناضلي الجنوب بمنعهم من العودة إلى وطنهم !

مقالات الكاتب