حصار تعز الى متى ..؟!

ذات حُزنٍ دامي ، قرر رجُلاً في الستين من عمره ، أن يدخُل المدينة من قريتُنا لزيارة أحافده الذين يسكنون المدينة ، وكان بعيداً عنهم لفترةٍ ليست قصيرة ، بسبب عدم قدرتهُ على مشقةِ الطريق كونهُ مصاباٌ بالربو ومرض القلب ، لكن شوقه والحنين غلبهُ لعناق احفاده والجلوس معهم حتى يرتوي من ملامحهم وضحكاتهم واللعب معهم لأيامٍ وسيعود القرية مملؤ بهم ومنهم ،  الأبناء والبنات يترقبون وصول جدهم المحبوب ، وتجهيز البيت وسفرة الغداء لإستقباله ، بدأ الجد من منتصف الطريق يشعرُ بالإرهاق والتعب وضيق التنفس ، فاستعجل السائق لضرورة الحالة ، وصل الجد الى المدينة ولازالت أنفاسهُ مُمسِكة بجسده ليقوى على الوقوف ، نزل من السيارة وصعد الى الطابق الثالث برجليه دون أن يُربِت كتِفهُ على أحد ، طرق باب الشُقةِ ، وبسماتِ الأحفاد وفرحتهم تتناثرُ من وجوههم ، لكنه وصل مرهقاً وبشدة ، لم يرى ولم يحظى بِتلك اللحظة التي لطالما استعد لها كثيراً ، زادت حِدة المرض والإرهاق والتعب في تِلك اللحظات التي وصل بها ، وبعد أن فُتِح لهُ الباب ، لم تتجاوز خطواته صالة الشقة للوصول الى إحدى الغرف ، إستلقى على الفور وبدأ يُنازع ، تحولت الفرحة كلها الى صراخ ودموع ، يحاولون بكل مالديهم من حيلة لإنقاذه ، لكنهُ نازع دقائق معدودة ورفع سبابتهُ مستشهداً لله معلناً الرحيل حتى خارت قواه وفاضت روحه ، حاولوا اسعافه لعل وعسى لكن للأسف ، تخيلوا حجم المأساة والوجع على هذه الأسرة ، ومثل هذه الأسرة الكثير ، التي أحال الحصار أفراحهم الى مأساة ، ومن لقاء سعيد الى فراقٍ أليم 
هذه قصة بين الآفٍ من القصصِ الأكثر فتكاً ، رويتها هنا لكم لإنني كُنتُ شاهداً على كل تفاصيلُها بنفسي ، وكان لي نصيباً من الوجع الكبير منها ، كون أسرة الفقيد جزء من عائِلتُنا ، وهناك قصصٍ أكثرُ وأكبرُ وأشدُ قهراً ووجع
حصار جائر طال الى الحد الذي لا يُطاق ، انتهك قيم الإنسانية ، ودهس تعاليم الدين ، استباح كل شيء وتجاوز كل شيء .
الى متى ؟ وماذا بعد ..؟

اللعنة على كل من له يد في حصار مدينة تعز

فهمان الطيار

مقالات الكاتب

(ريمة) جارة السماء

يقال بأن "ريمة" جارة السماء ، وبستان الملائكة ، وفوق جبالها تكون السماء أقرب اليك من السهل والوادي ،...

(تهامة) معشوقتي السمراء

المليحة السمراء "تهامة" ، البلاد التي أعشق وأحب ، لستُ من تهامة ولم أزرها قبل ، لكن حواسي الخمس وكل...