(ريمة) جارة السماء
يقال بأن "ريمة" جارة السماء ، وبستان الملائكة ، وفوق جبالها تكون السماء أقرب اليك من السهل والوادي ،...
مضى عيد الأضحى الثاني ، وأنا قابع خلف الحدود التي وضعتها الحرب ، ومِثلُهُ رمضان مضى وعيد الفِطرِ ايضاً ، ولم أحظى بزيارةٍ الى قريتي الواقفة على قِمةٍ جبلية في أحدِ جبالِ شرعب السلام ، تعلمون كم مسافة الوجع والإشتياق (الفاصلة) ، بين قريتُنا والمدينة ، مسافةٍ قريبةٍ الى الحد الذي يُمكِنُك أن تستنشق هواء القرية القادم من أعالي الجبال ، ونسيم الصباحاتِ المحمولِ على ظهرِ الريح ، حتى الدُخانُ المُتصاعِدُ من حُجراتِ الطهي يُمكِنُ أن تراه ، "مسافةٍ" لا تتجاوز عشر دقائق ، والآن بفعل هذا الحصار اللعين ، باتت تِلك الدقائق بيينا ، مسافةٍ خانقة ومميته ، "ثمانِ ساعاتٍ" يعبُرها المسافِرون على طُرُقٍ جبليةٍ وعِرة ، بين ثُلاثيةٍ مُرعِبة ، خوفٍ وخطرٍ وموت ، ناهيك عن عراقيلِ هذه الطريق التي يُصادِفُها السائقون ، كالزحام والحوادث ونقاط التفتيش وغير ذلك ، فالأمر أحياناً يتجاوز ثلاثة أيامٍ !!
هذه الحدود ، حرمتنا حقُنا في الحياة منذُ ثمانِ سنوات ، جعلتنا مُغترِبون داخل أوطانِنا ، انا واحداً من بين الكثير والرقم الكبير من المخذولين ، بعيداً عن قريتي التي أكادُ إن مددتُ يدي لقطفتُ مشقُراً من شرفةِ منزِلنا ، الجميع يعرف الى أي حدٍ قد يشتاقُ الإنسان للمكان الذي عاش طفولته وشبابهُ فيه ، الشعورِ بالغربة وأنت في وطنك ، أشدُ مرارةٍ من الشعور بِها وأنت خارج الوطن
اللعنة على كل من له يد في حصار مدينة تعز