عندما يستقبل الكبار بن سلمان بحرارة !

منافق عالم الكبار، لا تحركه الا مصالح الدول ومكاسبهم من كل حركة  ومن نظرة، وإلا بماذا نفسر الاستقبال الذي حضي به ولي عهد السعودية محمد بن سلمان في قمة العشرين التي احتضنتها نهاية الاسبوع  العاصمة الارجنتينية بيونس ايرس، وعكس ما روج له الاعلام الدولي أن الكل سيقاطع بن سلمان بناء على  ضلوعه غير المؤكد في مقتل جمال خاشقجي مطلع اكتوبر الفارط بقنصلية بلاده باسطنبول.

ليس بوتين وحده من رحب بحرارة بولي عهد المملكة الغنية بثرواتها وبأموالها التي بإمكانها شراء صمت الجميع بما فيها تونس التي رغم غليان الشارع الرافض للزيارة ، استقبله رئيسها بالأحضان، وكل شيء بمقابل طبعا، مرورا بأنجيلا ماركيل المستشارة الألمانية التي رفضت هي الأخرى أن تخسر المملكة وسارعت بالخطى لتلحق بالأمير وهو يصعد سلما ميكانيكيا وتصافحه، دون أن تخشى اتساخ يدها بدماء اطفال اليمن ولا الصحفي السعودي الذي زاد مقتله من شهرته.

حتى ماكرون الذي طالب من أيام بمشاركة الاتحاد الاوربي في التحقيقات في مقتل خاشقجي، وأعلنت فرنسا معاقبتها لـ18 شخصا متهمين بالتورط في مقتل الصحفي من غير بن سلمان، لم يتجنب هو الاخر ولي العهد، بل بالعكس، كلمه بكثير من الأدب والتودد وقال أنه قلق ولم يكتف  فقط بتجديد المطالب بالمشاركة في التحقيق بل ايضا حول أسعار النفط، خاصة وأن الشارع الفرنسي يعيش من أيام على وقع المظاهرات الصاخبة بسبب ارتفاع اسعار البنزين وتدني ظروف المعيشة.

نعم يحق لبوتين وماكرون وميركل والسيسي ولما لا  لنا نحن أيضا، ما يحق لترامب، الذي وإن تجنب الظهور مع ولي العهد السعودي خوفا من الراي العام في بلاده، ما زال يحمي الرجل من أجل مصلحة بلاده ومن أجل مصلحة اسرائيل التي قال أنه قدم لها خدمة غير مسبوقة، فالدول تسيرها البراغماتية والمصالح، ويتبادل فيها السياسيون والحكام والمجتمع المدني وحتى الاعلام الأدوار، فضغط الشارع التونسي ورفضه الصاخب للزيارة، جعل بن سلمان سخيا مع حكومتها، ونفس الممارسات يقوم بها ترامب، وكل الزعماء الذين استقبلوا بن سلمان بحرارة بينما كان الاعلام يردد أنه سيكون معزولا خلال القمة.

ثم هل كان بن سلمان سيخرج من المملكة في هذه الظروف العصيبة لو لم يكن متأكدا من قوته في الداخل؟ وأن ليس هناك من سيقوى على الاطاحة به، وهي رسالة موجهة للداخل مثلما في الخارج، وهكذا خرج من جريمة خاشقجي وجرائمه في اليمن مثل الشعرة من العجين، فقهو يجلس على حقول نفط ويتحكم في مشاعر الملايين من المسلمين، ما يسمح له بقتل وتدمير أي كان ما دام قادرا على شراء صمت الكبار قبل الصغار.

مقالات الكاتب

هنيئا يا جزائر !

كل شيء فيك جميل هذه الأيام يا جزائرنا، انتصارات الفر يق الوطني التي أعادت الأمل للشباب بعد سنوات من...

هلموا إلى الحوار !

لا أدري إن كانت المجاهدة، جميلة بوحيرد، ستقبل أن تكون ضمن الهيئة التي اختارتها منظمات من المجتمع الم...

الهويات القاتلة !

لا بأس أن أستعير من الروائي العالمي، أمين معلوف، هذا العنوان لكتابه "الهويات القاتلة"، لأعبر من خلال...