(ريمة) جارة السماء
يقال بأن "ريمة" جارة السماء ، وبستان الملائكة ، وفوق جبالها تكون السماء أقرب اليك من السهل والوادي ،...
العراق ليس قليلاً ، كي يبهرنا هذا الألق والسمو والضوء ، هذا العراق وهذا مجده ماضي وحاضر ، وهنا "البصرة" ترقصُ ملئ قلوبنا ، تحتفي بنا ونحتفل بها ، هنا الأنسانية والإنسان ، وهنا الجغرافية الممتدة في الوريد العربي ، هنا الثقافة والحضارة والتاريخ الذي سبق الزمان والمكان
في الحقيقة أنا أكثر المحبين والعاشقين للعراق ، أكتب الآن مندفعاً ، أكتب وأنا أتدفق بكل شغفي ورغبتي ، بكامل حواسي وقدرتي ، بكل ما يحيا ويتحرك بداخلي ، نحو الرافدين ، أود وأتمنى ، الإلتحاق بركب المسافرين الى "البصرة" حاضرة الدنيا ، وأرتمي بلهفتي وكل جموحي وجيشي ، داخل حدود هذه البلاد المقدسة ..
لا أعرف العراق واقعاً ملموساً ، أقصد لم يسبق لي أن زرتها ، لكنها لغتي وجغرافيتي ، قصيدتي وأغنيتي ، عشقي لها ليس وليد هذا الحدث الرياضي ، فأنا ومنذُ زمن طويل ، أطوف حولها ، أقرأها ، أكتبها ، أغنيها ، أنشدها ، أتلوها
أعشق العراق الكبيرة والعظيمة ، الأرض والإنسان ، وأحلم برحلة تقودني الى جمالها الموزع في كل مدينة وشارع ، منها جولة داخل حدائق بابل المعلقة ، ومعانقة النخيل ، وأمسية هادئة تخلو من كل شيء ، عدى هدير دجلة والفرات ، كما أشتهي وجبة من السمك المسكوف ، والقوزي كما يسمونه ، وطبق من كبة البرغل ، لكن ..
ورغم البعد ولعنة المسافة والحدود ، أنا هناك وهي بقلبي هنا ، هناك أنا في كل مدينة وحي ووادي ، في بواديها والحضر ، في بغداد والبصرة ، وكركوك والموصل ، والرمادي والأنبار ، أسكنها وتسكنني على الدوام وكل حين
لدي صديق من هناك ، من "نينوى" العريقة ، من قضاء "تلعفر" من "زمار" من مجمع "دوميز" تحديداً ، يقول لي ، إن أتيتُ زائراً ذات يوم ، سيستقبلني بزهرة "البابونج" ، لم أكن أعرف هذه الزهرة من قبل ، لكن فضولي دفعني للقراءة عنها ، فوجدتُ أن هذه الزهرة تزين بوابة مملكة "بابل" ، وهي شعار الإمبراطوريتين الآشورية والبابلية ، وتعد من النباتات المقدّسة في بلاد الرافدين ، وكانت عبر التطورّ التاريخي رمزاً للصفاء و الطهارة والربيع ، ومن ثم رمزاً للنصر ، واليوم يستخدم شاي البابونج في الطب البديل لتخفيف التوتر وتهدئة المعدة ..
قرأت كل هذا التاريخ عن زهرة "البابونج" ، فما بال التاريخ العريق لمهد الحضارات وبلاد مابين نهرين ، حضارة سومر ، وأكاد ، وبابل ، وآشور ، بَدءًا من البدائيةِ إلى البابليةِ فالآشوريةِ فالكلدانية ، إلى عصرِ "الإسكندر الأكبر" وخُلفائِه ومايليه ، تاريخ يمتد الى أكثر من عشرة الآف سنة .
تعظيم سلام للعراق وأهلها .