خطوات خارج قفص التجهيل الخطوة (50)

لن ينجح أي حل سياسي دون الاستناد على خطوات عسكرية تؤيد ذلك الحل وتفرضه على الوأقع ، كما أنه من الصعوبة فرض الحلول السياسية بالاعتماد كليا على القدرات العسكرية، فالامران متلازمان نعم ، ولكن للوصول إلى الحلول السياسية المستدامة يجب توظيفهما معا وإجادة إختيار التوقيت المناسب لتوظيف كل منهما لخدمة الآخر.

(2)
ضرورة تلازم مساريّ القوة والتفاوض في مضمار حلول الأزمة اليمنية تفرضها نتائج جهود الفترات الماضية في مسيرة تلك الأزمة فقد جاءت اتفاقات الرياض الأول والثاني ثم مشاورات الرياض معتمدة على مسار واحد وهو المسار السياسي فقط وأُهمل المسار العسكري وهذا ما جعل تلك الجهود تتوقف في محطتها الأولى ، وسيتكرر الخطأ إذا ذهب الرُعاة اليوم للاكتفاء بتصحيح الخطأ العسكري وتجاهل الأخطاء السياسية التي رافقت تلك الجهود .

(3)
تدرك المملكة السعودية ومعها الدول المشاركة في رعاية مشاورات الرياض وكل من حضر هذه المشاورات من اليمنيين بإن تلك المشاورات قد اعترتها بعض الأخطاء والسلبيات التي يجب استكمالها وتجاوز تبعاتها خدمة للتوجه السعودي العسكري الجديد في مناطق التحالف وخدمة لقرار إنشاء قوات درع الوطن بحيث لاتتحول هذه القوات إلى مليشيات بيد جماعات ضد اخرى.

(4)
أدرك رُعاة اتفاقات الرياض ومشاوراتها أن العودة إلى توازن مساريّ القوة والتفاوض بات ضرورة ملحة لإنهاء أزمة اليمن للخروج من مُستنقع قد يبتلع استمراره المنطقة برمتها فجاء قرار تشكيل قوات درع الوطن لهدفين الأول خلق توازن في مناطق التحالف بين طرفي التحالف ، والثاني استحضار خيار القوة إلى جانب خيار التفاوض مع أنصار الله.

(5)
عندما تحدثنا حول قوات درع الوطن التي تتبناها السعودية نوهنا إلى ضرورة إيجاد مظلة سياسية وطنية يمنية تواكب هذا التوجه العسكري بحيث لايفقد هذا التوجه شرعيته ولايتحول مع متغيرات القادم إلى مليشيات لاتختلف عن سابقاتها في الساحة اليمنية شمالا وجنوبا وهذا لن يتم إلا من خلال أمران إما مؤتمرات وطنية ، أو انفتاح مجلس مشاورات الرياض على قوى الوطن المُستبعدة حتى اللحظة.

(6)
نستطيع القول أن السعودية وضعت قدمها على أول الطريق الصحيح الذي يخرجها من أزمة اليمن ويسحب أوراق الضغط من ايدي خصومها الدوليين والاقليميين الذين يحاولون ابتزازها بتوظيف هذه الأزمة التي طال امدها شريطة أن لاتقع مرة أخرى في خطأ واحديةالمسار باعتماد مجلس مشاورات الرياض القيادي كغطاء سياسي وحيد وراعي لتوجهاتها الجديدة.

(7)
على الرغم من السلبيات التي رافقت اتفاق الرياض الأول والتي كانت أبرزها استهداف القوى والشخصيات الوطنية ذات القرار الوطني المستقل واستبعادها والاكتفاء بالقوى الموالية لاطراف الصراع الإقليمي إلا أن التيار الوطني قد رحّب ودعم جزئية الشق الأمني والعسكري في هذا الاتفاق واعتبرها إيجابية وطالب بضرورة تنفيذها كشرط أساسي ووحيد لاستعادة الدولة ومؤسساتها وسجل اعتراضه ورفضه للشق السياسي في ذلك الاتفاق.

(8)
ستواجه خطوة تشكيل قوات درع الوطن تحفظا من قبل التيارات الوطنية المُستبعدة عمدا حتى اللحظة عن المشهد السياسي والعسكري انطلاقا من قناعات تلك القوى بضرورة تصحيح المسار السياسي والانفتاح على قوى الوطن ذات القرار المستقل ، وبالمقابل ستجد هذه الخطوة رفضا قد يصل إلى حد العصيان من بعض القوى المرتبطة بمشاريع بعض أطراف الإقليم والتي ترى في تنفيذ الشق الأمني والعسكري واستعادة مؤسسات الدولة تهديدا لنفوذها وتواجدها في مناطق التحالف.

(9)
يبقى التحدي الأكبر أمام قيادة التحالف متمثلا في الخروج الآمن من مستنقع اليمن وهذا في راينا يتطلب ضرورة أستقلالية القرار الوطني اليمني وتحريره من قيود التبعية المطلقةلمشاريع الإقليم ووضعه على مسار التعاطي الوطني والقانوني الذي تحدده المواثيق والأعراف الدولية، ولتحقيق هذا الهدف يجب وقف الحرب والذهاب إلى الحل السلمي من خلال عقد مؤتمرات وطنية شمالا وجنوبا تتجاوز الصراعات الداخلية وتفضي إلى ممثل وطني متوافق عليه.

              عبدالكريم سالم السعدي 
                 11 فبراير 2023م

مقالات الكاتب