خطوات خارج قفص التجهيل خطوة (51)

(1)
تحدثنا مرارا عن خطورة ربط قضية الجنوب بمكون أو حزب او جماعة أو شُلة أو غيرها من التشكيلات التي لا يُجمع عليها ولايتوافق عليها الجنوبيون ونصحنا بضرورة عقد مؤتمر جنوبي عام لايستثني أحد ويفضي إلى جبهة وطنية جنوبية عريضة تتبنى تمثيل الجنوب وقضيته بحيث تحتفظ هذه القضية بطابعها الوطني ولاتتحول إلى مجرد أداة سياسية للمساومات والصراعات الفئوية أو المناطقية او الحزبية.

(2)
مثّل اتفاق الرياض الأول في شقه السياسي انتكاسة للقضية الجنوبية حيث كان عباره عن مكافأة لمكون الانتقالي الذي وقّع ممثليه على تسليم أسلحة مايسمونه بالقوات الجنوبية ودمجها في إطار مؤسسات الشرعية دون أي مقابل وطني ولا ضمانات وكان كل ماحققوه هو التقدم خطوة على القوى الجنوبية المعارضة لهم والتي ترفض مناطقية هذا الكيان وفقدانه للقرار المستقل وعمالته الفجة للإمارات.

(3)
مايحدث اليوم على الأرض في الجنوب هو نتاج طبيعي لما تم التوقيع عليه في اتفاق الرياض وتنفيذ للشق العسكري الذي وقّعت عليه الأطراف وما قوات(درع الوطن) إلا خطوة في مضمار تنفيذ هذا الشق ، ولا يغيب عن المتابع الحصيف ظاهرة الانقسام في صفوف مكون الانتقالي في مواجهة كل ذلك فالبعض ومنهم رئيس المكون واللجنة الممثلة في اتفاق الرياض يدركون حقيقة مايحدث ويوافقون عليه ويلوذون بالصمت في مواجهته.

(4)
اما المعركة الكلامية الحالية التي يخوضها البعض والتي ترفض في ظاهرها قوات درع الوطن وتحرّض ضدها فاصحابها استشعروا أنهم قد خرجوا من مولد المكافآت بدون حمص وهم بهذه المعارك الكلامية إنما يحاولون أخذ نصيبهم أسوة بالاجنحة التي يمثلها رئيس مكون الانتقالي وأعضاء لجنة المفاوضات الموقعة على انتكاسة الرياض الأولى والتي استحوذت على الثمن المدفوع والمتمثل بالمواقع الوظيفية في الرئاسة والحكومة اليمنية وغيرها من الامتيازات المادية.

(5)
تحاول المليشيات الإماراتية في عدن وماحولها أن تطالب بماتراه حقوق مادية ومعنوية لها أسوة ببقية المليشيات في وليمة اتفاق الرياض الأول وهي لاتمتلك أي وسائل غير الركوب مرة أخرى على ظهور البسطاء وتحريضهم بأسم القضية الجنوبية التي ادخلها اتفاق الرياض في حالة (غيبوبة) الله وحده يعلم هل ستنجو منها أم انها ستكون النهاية لها والبداية لعهد شراكة (جنوبية شمالية) شبيهة في قُبحها بشراكة مايو 90م ولن يتغير فيها جنوبا سوى وجوه الممثلين ومناطقهم.

(6)
في الوقت الذي تواجه فيه القضية الجنوبية خطر داهم يتطلب التقارب من القوى التي يفترض أنها ترفض بيعة اتفاق الرياض إلا أن هذه القوى التي طالما لطمت خدودها وشقت دروعها من جور الإقصاء ضدها نراها تمارس الاقصاء ضد بعضها ولنفس السبب الهائف الذي شذ فيه الانتقالي عن القاعده ومارس الإقصاء ضدها وهو السبب الذي تحول تقريبا إلى مرض عضال أصاب العقلية الجنوبية.

(7)
البعض الجنوبي يظن أن الدعوات (الشللية) تمتلك طهارة عن الدعوات المناطقية والفئوية وغيرها من الدعوات الشاذة وهذا البعض في رأيي يحتاج إلى الخروج من زواياه الضيقة والمظلمة والانفتاح على من لايروقون له أو يختلفون معه ليستطيع  قياس الأمور من منظور يواكب التطورات ويتمكن من مغادرة مربع اللبس الذي يقبع فيه ويسهم بالتالي في تطهير الجنوب من رجز تلك الدعوات التي كانت سببا في انتكاسات الجنوب المتتابعة منذ الثورة الأولى في ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم.

(8)
وخلاصة القول أننا في الجنوب لكي ننقذ قضيتنا ونعيد لها بريقها ونضعها في مكانتها التي تستحقها نحتاج إلى التخلص من أمراض السباق على التمثيل والخوف من وجهة النظر الأخرى ودعوات المناطقية والحزبية والشللية والفئوية ونغادر معاركنا البينية الجانبية صوب معركة الجنوب الرئيسية وأن نكف عن عادتنا القبيحة في محاولة رسم خارطة الجنوب على خطوط عرض وطول مكوناتنا وشخوصنا ومناطقنا  وشللنا وأن نعي أن الجنوب وطن وليس عزبة.

                عبدالكريم سالم السعدي 

مقالات الكاتب