مهما غدرت الإمارات بالشرعية فإن اليمن ليست للمقاولة أو البيع أو المساومة
منذ أن وطأت الإمارات أرض اليمن الطاهرة وهي تلوثها بسلوكها المتعارض مع القرارات الدولية وأهداف التحال...
هذا السؤال يراود جميع اليمنيين بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم ، ولكل طرف إجابته الخاصة حتى لو لم يصرح بها ، فالحوثيون يقولون في قرارة أنفسهم ، إذا لم تتدخل السعودية ما كنا الآن نتحكم بالسلطة وما استطعنا أن نحشد الناس إلى الجبهات تحت ذريعة مقاومة العدوان ، أما الذين التقطتهم السعودية ليكونوا جسرا لها إلى اليمن فيقولون ، لو لم تتدخل السعودية ، لكان الحوثي اليوم يسيطر على كامل اليمن ، بينما بقية الشعب اليمني وهم الأقرب إلى الصواب ، يقولون لو لم تتدخل السعودية ، لكان الحوثي قد هزم شر هزيمة ولما وجد له مبررا لقمع اليمنيين والتنكيل بهم بذريعة العدوان ، ولما كان الحثالة يتحكموا بنا اليوم .
الذين يزعمون أن تدخل السعودية حد من سيطرة الحوثيين ، هؤلاء فرطوا بفرصة إقامة الدولة ولن يجود الدهر بفرصة أخرى كتلك التي أضاعوها ، فقد سلموا القرار للسعودية وأهدروا السيادة الوطنية وفرطوا بالمؤسسات ، والسعودية اكتفت بمجموعة من اللصوص والفاسدين ، الذين يمدحون السعودية علنا وفي الغرف المغلقة يشكون ضعفهم وقلة حيلتهم وأنهم لا يمتلكون القرار وكل ما يجري ليس برضاهم وليس بأيديهم .
في بداية الحرب ، كان البسطاء منشغلين بمحاربة الحوثي ، وكانوا يحققون تقدما ملموسا مصحوبا بدمائهم وأرواحهم ، بينما الشرعية المصنوعة على يد السفير السعودي محمد آل جابر كانوا مشغولين بأمور شخصية وعاطفية ، حتى أن وزير الإعلام تغنى بمحمد بن سلمان
قائلا : فارس في مشيته ، فارس في نظرته ، فارس وهو في الأصل فارس ، فتمت مكافأته بأن أضيفت له وزارة الثقافة والسياحة ، وحينما تسأله عن سبب غياب السياحة في اليمن ، يقول لك ، نحن في حالة حرب ، طيب وأين دور السعودية التي لولا هي لكان الحوثي يحكم اليمن ، ها أنتم لا تستطيعون حكم اليمن ، فالحوثي هو المتحكم بالقرار وهو الذي تتفاوض معه السعودية اليوم .
أقول فرصة إقامة دولة في اليمن كانت سانحة ، وخيارا كان متاحا ومناسبا لجميع اليمنيين ، ولكن أضاعها الذين أصروا على تصحيح الماضي ، بدلا من صناعة المستقبل ، خاصة اليسار بوجهيه القومي والماركسي الذين وجدوا فرصة للتنفيس عن الأحقاد التاريخية التي يعانون منها ويظهرون أنفسهم بمظهر الأبطال الذين لا يشق لهم غبار ويتباهون بمنجزات متخيلة ، أكثر هؤلاء انحازوا للإمارات في مواجهة الإصلاح ومعهم بعض المؤتمريين، وبعض الإصلاحيين دخلوا في مواجهة مع بعض المؤتمريين ، ومن هنا بدأت الانشقاقات داخل الشرعية وخارجها ، وتناسلت المليشيات وتراجع دور الجيش الوطني .
والسؤال ، هل ستسنح فرصة أخرى لإقامة دولة في اليمن ؟ والإجابة ، ربما ولكنها لن تنجح مالم يقودها المخلصون لوطنهم ، لا أصحاب المشاريع الشخصية والعائلية ، الذين يعتبرون السعودية والإمارات صمام أمان لبقائهم على رأس السلطة ، ولا يهمهم بعد ذلك الشعب الذي قتله الجوع ، ولا حجم الأذى الذي يتعرض له المواطن الواقع تحت سلطة الحوثي ، أو تحت سلطة الشرعية الافتراضية .
فلولا تدخل السعودية لما استمر الحوثي كل هذه الفترة ، ولما كان على رأس السلطة مجموعة من اللصوص الذين صنعتهم لتمثيل اليمن الذي لم يبق منه شيئا ، سوى هؤلاء الموميات التي لا يهمها سوى مرتباتها الشهرية ، يتعاملون معنا على أننا أشياء وليس بشر ، وحرموا المواطن من أبسط الأشياء ، حرموه من الأمن اليومي ومن الوظيفة أومصدر للعيش وبناء بيت وعائلة ومنعوه من الاستقرار في وطنه ، فبعد هذا نستطيع أن نثير السؤال ونقول ، هل التدخل السعودي كان لصالح بناء الدولة ، أم كان لصالح الحوثيين والموميات المحنطة المسماة سلطة الشرعية ؟