خالد بحاح سفير بحجم وطن
عبر بعض السجناء اليمنيين الذين يقبعون في السجون المصرية عن فرحتهم واعتزازهم بزيارة السفير خالد بحاح...
هذا السؤال يراود جميع اليمنيين بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم ، ولكل طرف إجابته الخاصة حتى لو لم يصرح بها ، فالحوثيون يقولون في قرارة أنفسهم ، إذا لم تتدخل السعودية ما كنا الآن نتحكم بالسلطة وما استطعنا أن نحشد الناس إلى الجبهات تحت ذريعة مقاومة العدوان ، أما الذين التقطتهم السعودية ليكونوا جسرا لها إلى اليمن فيقولون ، لو لم تتدخل السعودية ، لكان الحوثي اليوم يسيطر على كامل اليمن ، بينما بقية الشعب اليمني وهم الأقرب إلى الصواب ، يقولون لو لم تتدخل السعودية ، لكان الحوثي قد هزم شر هزيمة ولما وجد له مبررا لقمع اليمنيين والتنكيل بهم بذريعة العدوان ، ولما كان الحثالة يتحكموا بنا اليوم .
الذين يزعمون أن تدخل السعودية حد من سيطرة الحوثيين ، هؤلاء فرطوا بفرصة إقامة الدولة ولن يجود الدهر بفرصة أخرى كتلك التي أضاعوها ، فقد سلموا القرار للسعودية وأهدروا السيادة الوطنية وفرطوا بالمؤسسات ، والسعودية اكتفت بمجموعة من اللصوص والفاسدين ، الذين يمدحون السعودية علنا وفي الغرف المغلقة يشكون ضعفهم وقلة حيلتهم وأنهم لا يمتلكون القرار وكل ما يجري ليس برضاهم وليس بأيديهم .
في بداية الحرب ، كان البسطاء منشغلين بمحاربة الحوثي ، وكانوا يحققون تقدما ملموسا مصحوبا بدمائهم وأرواحهم ، بينما الشرعية المصنوعة على يد السفير السعودي محمد آل جابر كانوا مشغولين بأمور شخصية وعاطفية ، حتى أن وزير الإعلام تغنى بمحمد بن سلمان
قائلا : فارس في مشيته ، فارس في نظرته ، فارس وهو في الأصل فارس ، فتمت مكافأته بأن أضيفت له وزارة الثقافة والسياحة ، وحينما تسأله عن سبب غياب السياحة في اليمن ، يقول لك ، نحن في حالة حرب ، طيب وأين دور السعودية التي لولا هي لكان الحوثي يحكم اليمن ، ها أنتم لا تستطيعون حكم اليمن ، فالحوثي هو المتحكم بالقرار وهو الذي تتفاوض معه السعودية اليوم .
أقول فرصة إقامة دولة في اليمن كانت سانحة ، وخيارا كان متاحا ومناسبا لجميع اليمنيين ، ولكن أضاعها الذين أصروا على تصحيح الماضي ، بدلا من صناعة المستقبل ، خاصة اليسار بوجهيه القومي والماركسي الذين وجدوا فرصة للتنفيس عن الأحقاد التاريخية التي يعانون منها ويظهرون أنفسهم بمظهر الأبطال الذين لا يشق لهم غبار ويتباهون بمنجزات متخيلة ، أكثر هؤلاء انحازوا للإمارات في مواجهة الإصلاح ومعهم بعض المؤتمريين، وبعض الإصلاحيين دخلوا في مواجهة مع بعض المؤتمريين ، ومن هنا بدأت الانشقاقات داخل الشرعية وخارجها ، وتناسلت المليشيات وتراجع دور الجيش الوطني .
والسؤال ، هل ستسنح فرصة أخرى لإقامة دولة في اليمن ؟ والإجابة ، ربما ولكنها لن تنجح مالم يقودها المخلصون لوطنهم ، لا أصحاب المشاريع الشخصية والعائلية ، الذين يعتبرون السعودية والإمارات صمام أمان لبقائهم على رأس السلطة ، ولا يهمهم بعد ذلك الشعب الذي قتله الجوع ، ولا حجم الأذى الذي يتعرض له المواطن الواقع تحت سلطة الحوثي ، أو تحت سلطة الشرعية الافتراضية .
فلولا تدخل السعودية لما استمر الحوثي كل هذه الفترة ، ولما كان على رأس السلطة مجموعة من اللصوص الذين صنعتهم لتمثيل اليمن الذي لم يبق منه شيئا ، سوى هؤلاء الموميات التي لا يهمها سوى مرتباتها الشهرية ، يتعاملون معنا على أننا أشياء وليس بشر ، وحرموا المواطن من أبسط الأشياء ، حرموه من الأمن اليومي ومن الوظيفة أومصدر للعيش وبناء بيت وعائلة ومنعوه من الاستقرار في وطنه ، فبعد هذا نستطيع أن نثير السؤال ونقول ، هل التدخل السعودي كان لصالح بناء الدولة ، أم كان لصالح الحوثيين والموميات المحنطة المسماة سلطة الشرعية ؟