هل ستبقى اتفاقية الحدود مع السعودية قائمة إذا حدث انفصال في اليمن ؟

أولا وقبل كل شيء إن الانفصال لا يمكن أن يتحقق تحت أي ظرف من الظروف ، لأن الحق في الانفصال اعتمادا على حق تقرير المصير ، يقابله حق الدولة في المحافظة على سيادتها ووحدة أراضيها وفق قوانين الأمم المتحدة وقوانينها ، لكننا سنتحدث عن الانفصال من وجهة نظر الإمارات والسعودية اللتان تسعيان إلى تكريس مناطق بقوة المليشيات ، فماذا سيحدث فيما لو سلكت السعودية والإمارات هذا المسلك ؟

تغيير الحدود اليمنية ستسقط معها اتفاقية الحدود مع المملكة العربية السعودية ، وهذا حقيقة ما تسعى إليه دولة الإمارات التي تتطلع إلى قيادة المنطقة ، لكنها تجد السعودية بحجمها السياسي والاقتصادي والجغرافي تعيقها عن هذا التطلع ، لذلك تسعى بكل السبل إلى تفخيخ الهويات المتعددة داخل المملكة عن طريق التغيير في تركيبة اليمن وحدودها ، وبالتالي ستلعب الهويات المتعددة ، الشيعة الإثنى عشرية والإسماعيلية والسنة والصوفية ، بالإضافة إلى نجد والحجاز دورا معاكسا للدولة السعودية وتماسكها .

الانفصال ، أي انفصال في العالم يراكم العنف ويؤسس للإرهاب ويساهم في تفتيت القدرات الطبيعية والبشرية ، وأكثر من سيتأثر من ذلك هي المملكة العربية السعودية ، خاصة في ظل عدم المساواة التي يطالب بها المواطنون السعوديون من خلال آلاف العرائض التي قدمت إلى الأمراء منذ عشرات السنين والتي لم يرد عليها هؤلاء المسؤلين ، فتغيير الحدود اليمنية سيؤدي إلى تشجيع هؤلاء على انتزاع المساواة بالقوة ، ولكن لن تكون في إطار الدولة الواحدة .

لست بحاجة للقول ، إن السعودية إذا لم تفهم اللعبة ، فإنها ستشعل صراعا مجمدا في منطقة قابلة للاشتعال ، وستساعد على تمكين المليشيات من فرض أمر واقع ، قد يكون مؤقتا بالنسبة لليمن ، لكنه مفتوح بالنسبة للسعودية ، وستعمل على إحياء الحوثي من جديد ، بعد أن كان قد بدأ يترنح بعد تفاوضه معها وسقوط شماعة العدوان التي كان يزايد بها على اليمنيين وستجعله يوحد اليمنيين خلفه تحت شعار الدفاع عن الوحدة ، فهل يدرك النظام السعودي خطورة الصمت أو المضي وراء الإمارات في هذه المسألة ؟

بطبيعة الحال لا أحد في العالم يستطيع أن يصرح بالانفصال أو يعترف به ، فدستور الجمهورية اليمنية ينص على الوحدة وجميع قرارات مجلس الأمن الدولي تنص على وحدة اليمن وسلامة أراضيه وجميع قرارات مجلس التعاون لدول الخليج العربية تنص على وحدة اليمن وقرارات مؤتمرات الرياض تنص على ذلك ، وجميع الحركات الانفصالية حول العالم لم يعترف بها أحد ، لكن الإمارات تعتقد أنها ستجعل جزءا من الجنوب مثل أرض الصومال ، وهي لا تدرك أنها من زجاج وأنه سيتطاير في الهواء إذا مضت في هذا الطريق إلى آخره ، لأن اليمن ملك اليمنيين ولن يتركوه للخونة والعملاء يبتاعون ويشترون به .

فقط بقي أن يسمع الشعب اليمني ما سيقوله رئيس مجلس القيادة الرئاسي في القمة العربية في جدة ، وما سيقوله بقية أعصاء مجلس القيادة ، طارق صالح وعبد الله العليمي وعثمان مجلي ، وبعدها سيقول اليمنيون كلمتهم ، فلن يتركوا بلادهم تتحول إلى أكبر تجمع بشري للعملاء والخونة بائعي الأوطان ، لن يكون الشعب اليمني إلا مثل الشعب الإماراتي في حالة طالبت دبي بالانفصال ، ومثل الشعب الأمريكي في حالة طالبت كاليفورنيا بالانفصال أو الشعب الألماني في حالة طالبت هامبورج بالانفصال أو كالشعب البريطاني في حالة طالبت برمنغهام بالانفصال ، فنحن مثل الشعوب الأخرى التي تحمي أوطانها ولا تتنازل عنه .

مقالات الكاتب