10 سنوات من الحرب في اليمن

في هذا اليوم الموافق 26 مارس تدخل الحرب في اليمن عامها العاشر، في ظل هدنة مؤقتة بينما أن البلد بعد كل ما تعرضت له من مآسي ودمار في حاجة  ماسة الى وقف دائم ونهائي للحرب يضع حداً لأثارها المدمرة التي مزقت الدولة ومؤسساتها، ويلملم الجراح ، ويعيد بناء ما هدمته ، واستعادة اللحمة الوطنية ، وإلى سلام دائم هو حتماً لصالح اليمن والمنطقة..
لقد عانى اليمن من الغزوات والحروب على مدى قرون في الماضي، وحتى اليوم ، فهو يدفع ثمن الموقع الاستراتيجي الذي يتمتع به في باب المندب والبحر الأحمر والمحيط الهندي وبحر العرب والقرن الأفريقي وجزيرة العرب. وما يجري اليوم في اليمن ليس بعيداً عن ذلك، بدليل ما يجري فيه وعليه من حروب وصراعات مزقت اليمن إلى أكثر من حكومة وأكثر من رئيس وأكثر من جيش وأكثر من سعر صرف للعملة، وشردت الملايين في الداخل والخارج إضافة لما سببته من تدمير لمؤسسات الدولة واقتصادها وبنيتها التحتية وتمزيق نسيجها الاجتماعي والثقافي.
وبالرغم من كل ذلك، ومع الأسف الشديد فإن البعض لا يريد نهاية لهذه الحرب التي لا يستفيد منها إلا تجار الموت والحروب والسلاح وأعداء اليمن في الداخل والخارج.
يحتاج اليمن اليوم إلى مشروع وطني ومرجعية وطنية تعبر عن إرادة الشعب اليمني ، وتنتشله من حالة الحرب والبؤس، وتلبي طموحاته في السلام والأمن والاستقرار والازدهار..
وليتحقق ذلك نحن بحاجة إلى حوار وطني يشمل كافة الأطراف والقوى اليمنية دون استثناء وبرعاية إقليمية ودولية تنبثق عنه قيادة ومرجعية وطنية لفترة انتقالية تعمل على وقف الحرب واستعادة الدولة برئيس واحد وحكومة اتحادية واحدة وجيش وطني واحد، ويتم خلالها التحضير لإجراء استفتاء شعبي على الدستور والانتخابات وغيرها من الخيارات التي تهم الشعب.. وهذا يتطلب إرادة سياسية وتقديم تنازلات حتى لو كانت مؤلمة من كافة الأطراف لمصلحة الشعب والوطن بعيدا عن مصالحهم الشخصية..
يمتلك اليمن إلى جانب التاريخ العريق والحضارة الضاربة في العمق ، ثروات هائلة مادية وبشرية تؤهله لأن يتبوأ مكانته اللائقة بين البلدان والشعوب في المنطقة والعالم، وقد آن لهذا الشعب العظيم أن ينعم بثرواته وخيراته في البحر والبر كغيره من الشعوب في المنطقة، وكما بينت الأحداث خلال المراحل السابقة ، وفي الوقت الراهن فإن استقرار اليمن هو البوابة لذلك كما إن في استقراره استقراراً للمنطقة والعالم كله..
من ناحية أخرى تأتي هذه الذكرى والشعب الفلسطيني لايزال يعاني منذ شهور من حرب إبادة وتجويع وحصار وتهجير وتدمير وقتل.. ولا يمكننا عزل ما تتعرض له القضية الفلسطينية من مؤامرة صهيونية عنصرية تستهدف الشعب الفلسطيني ومقدساته وأرضه ، عن ما يخطط للمنطقة العربية كلها من  محاولة إعادة تقسيم ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد ،، وما جرى ويجري في اليمن والعراق وسورية وليبيا والصومال والسودان يصب في ذلك المشروع الجهنمي ..فالمشروع الصهيوني ليس له حدود في المنطقة ما لم تتنبه الشعوب والحكومات العربية للخطر الداهم القادم.. فغزة والمدن الفلسطينية هي خط الدفاع الأول عن الأمة العربية والاسلامية وعن مقدساتها وتدفع الثمن نيابة عن الأمة كلها ، لهذا ينبغي ألا نتركها وحيدة أمام حرب الابادة والحصار والتدمير والتجويع التي تتعرض لها منذ أشهر من الكيان الصهيوني .
 نؤكد على أن وقوف الشعوب العربية وحكوماتها الى جانب نضال الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وقيام دولته الوطنية وعاصمتها القدس الشريف، والعمل على وقف حرب الإبادة التي يتعرض لها في غزة وفك الحصار عن أهلنا هناك، واجب مقدس لا يمكن التنصل منه بأي حال من الأحوال.
وكما تابعنا يوم أمس قرار مجلس الأمن بالوقف الفوري لاطلاق النار في غزة، وهذا القرار يعد انتصاراً لصمود الشعب في غزة والمدن الفلسطينية، وانتصاراً لإرادة الرأي العام العربي والاسلامي والعالمي الذي وقف ضد حرب الابادة والتجويع.

نحيي شعبنا اليمني العظيم وشعبنا الفلسطيني البطل على صمودهم الأسطوري.

مقالات الكاتب

لبنان تحت النيران

لبنان، جوهرة الشرق الأوسط، والتي قال عنها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: «إنها نافذة زجاجية معشقة وم...