العم السلال نجم التسعينيات الذي لن يغيب عن الذكريات

كانت التسعينيات في الوضيع أكثر من مجرد سنوات كانت حقبة مليئة بالحياة بالحب
ووجوه لا تُنسى وشخصيات رسمت تفاصيل الحياة بجمالها وبساطتها وبالأشخاص الذين جعلوا من البساطة حكايات لا تنسى وبين هؤلاء يبرز العم السلال أو كما أحب أن أسميه "النجم الذي يغيب ستة أشهر ليعود لنا بذكريات لا تمحى"
الذي كان يجوب الشوارع كأنه نجم عالمي تاركًا وراءه أثرا من الذكريات والضحكات
كان العم السلال يأتي من قرية حبيل مسجد وكأنه موظف رسمي في دائرةحكومية في عدن اوكأنه أحد الفنانين العالميين بلبسه الأنيق والجزمة السوداء الرسمية و شعره المصفف بعناية ونظارته الشمسية الفريدة من نوعها في الوضيع  التي لم نكن نراها إلا في التلفزيون كان أشبه بنجم من فيلم سينمائي ومسجلته التي تصدح بأجمل أغاني الكاسيت فكانت بمثابة هاتف ذكي بأحدث إصدار في ذلك الزمان 
حين يمر العم السلال بشوارع الوضيع كان الجميع يلتفت نحوه بحب واحترام لم يكن أحد يعترض طريقه فقد كان رمزًا للفرح والفن والبساطة حتى الأطفال كانوا يركضون خلفه ينتظرون منه ابتسامه أو نغمه موسيقية جديدة حيث
لطالما كان العم السلال حديث الوضيع خاصة عندما يصعد إلى الجبل الذي فيه الخزان القديم يرفع صوت المسجلة ويدندن باعلى صوته "حبش لطيف جميلة" هههه كان ذلك دليلاً على قصة حب بريئة ومؤثرة تجاه معلمات قادمات من أبين يقمن في سكن خاص الجميع كان يعلم أنها علاقة  حب من طرف واحد هو العم السلال ههه لكنها أضافت لمسة من الطرافة والحنان إلى شخصية العم السلال كان العم السلال نجمًا موسميًا ستة أشهر يقضيها بيننا في الوضيع يتألق يغني ويملأ القلوب بالفرح ثم يختفي ستة أشهر أخرى في منزله وكأنه يتبع إيقاعًا خاصًا به حيث تصبح عودته بمثابة عيد ينتظره جميع اهالي الوضيع ذكريات لا تمحى
مع مرور الزمن جاءت الألفينيات وتغيرت الحياة في الوضيع لم يعد العم السلال حاضرًا كما كان وكثير من الوجوه المألوفة غابت معها وفي إحدى رحلاتي إلى السواد فوجئت برجل منهك يسير أمامي توقفت بسيارتي وإذا به العم السلال ولكن بملامح مختلفة الشيب غطى شعره الأسود اللامع وملابسه لم تعد أنيقة كما كانت حين ركب معي سألته إن كان يذكرني نظر إلي طويلاً وقال  "بن شيخ محتوم." كانت لحظة صادمة ومليئة بالعاطفة لم أنسَ طيبة قلبه ولم أنسَ كيف كانت جدتي تدافع عنه عندما يتعرض للمضايقة بحكم صلة القرابة التي جمعتنا كان اخوال ام جدتي من أهل مارم كان والدي يحبه كثير وهو كان يحب ابي
سألته مازحا عن مسجلته ونظارته الأنيقة ضحك وقال: "راحت تلك الأيام!"
وكأن كلماته تلخص حكاية جيل بأكمله كانت كلماته بسيطة لكنها مليئة بالحنان  والصدق  تذكرت حينها كم كانت تلك الأيام تحمل قلوبًا نقية وذكريات ومرحلة زمنيه لا تُنسى رحلت بكل مافيها من جمال وداعًا للأيام الجميلة
العم السلال لم يكن مجرد شخصية عابرة بل كان رمزًا لمرحلة زمنية عاشتها الوضيع بكل جمالها وتفاصيلها مرحلة انتهت لكنها تركت فينا أثرًا خالدًا معه ومع غيره من وجوه الوضيع ودعنا سنوات من الحب الطيبة والجمال لنكتفي فقط بذكريات تلك الأيام التي تروي قلوبنا حين تجففها قسوة الحياة نحن الآن نعيش على ذكريات تلك الأيام نرويها لمن لم يعشها ونحتفظ بها في قلوبنا ككنز لا يفنى رحم الله من رحل وحفظ من بقي ولتبقَ ذكريات العم السلال وكل شخصيات الماضي الجميل نبعًا نستقي منه الأمل والحنين نوضيح هذه *الصورة في المقال صورة تشبهيه
رمزي الفضلي

مقالات الكاتب

في حضن الخوف والحب

في خضم عائلة واحدة وفي قلب مجتمع واحد تتجلى أحياناً قصص تناقض غريبة قصة العم عبدوه علي الذماري واحدة...