في بلاط السياسة

أنور الصوفي

في بلاط السياسة



أنور الصوفي

السياسيون في كل زمان ومكان هم المتمرسون في فن التلاعب بالتصريحات، فالسياسي اليوم له تصريح، وغداً قد تجد له ضد ما صرح به بالأمس، والسياسيون هم خصوم اليوم أصدقاء الغد، وأصدقاء اليوم خصوم الغد.


السياسي رجل لا ينظر إلا لمصلحة معينة، فإن رأى سبيل تحقيقها مع الخصم سعى لصداقة حميمية معه، وإن رأى تحقيقها حتى في كلكتا تعلم لغة القوم ليحققها.


السياسيون لا يؤمنون بفكرة الصديق المخلص، ولا بالعدو الدائم، فسياستهم هي من تصنف الأشخاص، والجماعات، والأحزاب، والتيارات، فيالهم من أبالسة! ويالهم من أشخاص متلاعبين!


في قاموسهم السياسي يتعاملون مع السياسيين أمثالهم بحذر، ولا يحبذون دخول أشخاص جدد في ملعب السياسة الذي يلعبون فيه، فشعارهم جني تعرفه خير من أنسي ما تعرفه، وتحالفاتهم مبنية على إحداث توازنات، فالماركسي قد يتعدل ليقود تياراً دينياً متشدداً، والوحدوي الذي كان شعاره بالأمس الوحدة أو الموت قد تراه انفصالياً لا يتحاور في هذه القضية، والانفصالي بالأمس قد تراه اليوم وحدوياً يتبنى شعاراً كان بالأمس يكرهه، ويحاربه.


هكذا هم السياسيون يرقصون مع الثعلب، ويؤذنون مع الديكة، يلوون أعناق المصطلحات، ويغيرون معانيها، فلو أخطأوا فخطاؤهم زلة لسان، ولو تحقق ما يريدونه نعتوهم بالسياسيين المحنكين، ولو أخفقوا فإنهن يسوِّقون لخطئهم بأنه سياسة، ولا يكذبهم أحد.


السياسي بضاعته كلام، فبضاعته مجرد تنظيرات تخالف الواقع، يلهث بكلام غير مفهوم، فتراه في حديثه يستنسخ من الحرف الواحد عبارة، فلو نطق بداية كلامة بقوله: ااااااااا، ووووووو، فاعلم أنه قد شرع في الكذب بكلام غير مفهوم، ولا يوجد له ترجمان.


يا لأهل السياسة كم يكذبون؟! وكم يتحدثون؟! ولو قارنت حديثهم بحديثهم، لوجدت التناقض الكبير، ولكنهم يقنعونك بكلامهم، أتدري لماذا؟ لأنهم سياسيون، فلهم منا ما يستحقون تصل إليهم في بلاطهم، بلاط زنقلتهم السياسية.


أظن السياسة فن، أي فن الممكن، ولكنها في بعض البلدان عفن خالص، ففي بلاد الله الواسعة، تجد السياسة الاقتصادية، وغيرها من تفصيلات السياسة، فتجدهم يخططون لكل تفصيلات حياتهم، ولكن في بلادنا لا توجد إلا السياسة الإقصائية، والإقصائية فقط، لهذا فنحن فاشلون حتى في السياسة، لهذا ترانا بين الفترة والأخرى ندخل في حمام دم، فسياسيونا يحتاجون لسياسيين، ليدربوهم على السياسة، فهل عرفتم كم نحن بعيدون عن السياسة؟!.

مقالات الكاتب

ليلة القبض على راتبي

  عندما سمعت بأن الراتب قد نزل عند القطيبي خرجت مسرعًا، ووقفت في طابور بعد خمسة أشخاص،  وص...