أسئلة للإنتقالي الجنوبي

مؤخرا جمعتني جلسة غير منسقة مع واحد من الصحفيين المرموقين المنتمين للشمال ، ممن يدعون تفهما وتأييدا مشروطا للمطالب الجنوبية، ولم أكن حينها راغبا بخوض أي نقاشا سياسيا، ذلك أن هذا النوع من النقاشات لا يفيد أكثر من أنه يوتر علاقتنا الاجتماعية، ولطالما وفقدنا أصدقاء وزملاء، نحن وهم لا نمتلك القرار حيال ما يحدث وسيحدث مستقبلا. 


ووجدتني تحت تأثير كلامه غير المنطقي اتقمص شخصية رئيس الدائرة الإعلامية للمجلس الانتقالي الجنوبي واخوض معه معركة نقاش حادة جدا أحرقت على إثرها ثلاثة رؤوس شيشة دفعة واحدة، ومن ضمن ما ظهر في كلام الرجل هو خوفه الشديد من عودة إيران إلى الجنوب تارة وخشيته من التواجد الإماراتي الكثيف في عدن تارة أخرى، وهنا وقع زميلي في تناقض فاضح. كما عبر صراحة عن مخاوفه الشديدة من ضياع الجنوب واقتتال أبناءه في حال نجح في انتزاع استقلاله، وقال بصريحة العبارة من سيحكم الجنوب.. هل أبين أو الضالع أو يافع أو حضرموت أو شبوه ؟ 


ومع أن هذه التساؤلات حق يراد به باطل، إلا أن هذا لا يمنع من الوقوف أمامها والإجابة عنها بشكل عقلاني وواقعي. 


من سيحكم الجنوب في حال وجد التأييد الدولي في تقرير مصيره؟ 

هل المؤسسات والنظام والقانون والكفاءة والعمل، أو الأشخاص والمناطق والفوضى؟ 

وعلى ضوء هذه الأسئلة الكبيرة نوجه أسئلة صغيرة للمجلس الانتقالي بناء على ادعاءه في تمثيل الجنوب. 

ما هي الخطوات التي قمت بها لكي نثق بأنك قادر على الإجابة عن الاسئلة الكبيرة للصحفي الشمالي. 

خمس سنوات منذ تحرير الأرض والسيطرة عليها عسكريا.. كم مؤسسة استعدت وكم مؤسسة بنيت، وكم شخصا عسكريا أو مدنيا استطعت أن تعيده إلى عمله، كم جريحا عالجت وكم أسر شهداء اعلت،وكم طالبا درست، وأهلت، وكم كادرا مؤهلا أقصاه وهمشه نظام صنعاء استوعبت، وماذا قدمت لاؤلئك الجوعاء في المناطق النائية ممن فتكت بهم المجاعة والأمراض، وأصبحوا مواد دسمة لوسائل الإعلام العربية والعالمية، كم مرة نزلت إلى قرى أبين والضالع ولحج لكي تتلمس أوضاع الناس هناك وترفع معنوياتهم وتطمنهم بأنك خير من يمثلهم؟ 


هذه الأسئلة وعلى بساطتها إلا أن قدرة الانتقالي على الإجابة عنها أو حتى استيعابها أمر في غاية الأهمية، ذلك أن تمثيل الناس لا يعني فقط التحدث باسمهم، بل أن تكون قريبا منهم وتحمل همومهم وتطلعاتهم وتزيل مخاوفهم وتعمل من أجلهم. 


قد يقول مدافع بأن الإنتقالي ليس دولة ولا يمتلك الإمكانيات لكي نطالبه بكل ذلك، وسنقول له بأن ما ذكرناه لا يساوي عشر صرفيات أعضاء الانتقالي وسفرياتهم، وما يحصلون عليه من دعم للأسف يذهب إدراج الرياح، كما أن مسؤولية الإنتقالي أن يوجد الدعم مثلما يوجد المقاتلين ويرميهم في جبهات القتال.

مقالات الكاتب

خارطة طريق جنوبية

لن نزخرف الكلمات ولن ننمق الحروف وسنتحدث من القلب، فليس لدينا وقت كافٍ للبحث عن المحسنات البديعية.في...