ذكرى «ثورة القذافي» تحدث انقساماً وسط الليبيين

متابعات

تغاضى كثير من الليبيين عن الأحداث الدامية التي تعيشها العاصمة طرابلس، وانقسموا حول تأييد «ثورة الفاتح» التي حلت ذكراها أمس، والاحتفاء بها في مدن ليبية عدة، وبين نعتها بأوصاف سلبية، واتهامها بأنها سبب «تخلف البلاد»، فيما وقف البعض الآخر على الحياد منهما، وعبّر عن رأيه بوسم «(الفاتح) لن يعود وفبراير (شباط)) لن تسود».
وأزاح الرئيس الراحل معمر القذافي في الأول من سبتمبر (أيلول) 1969 الملك محمد إدريس السنوسي عن حكم المملكة الليبية، واستبدل باسمها الجمهورية العربية الليبية، قبل أن يغيره إلى «الجماهيرية العربية الليبية الشعبية العظمى».
وبالتوزاي مع تبادل الميليشيات المسلحة إطلاق مدافع «هاوتزر»، وصواريخ «غراد» على جنوب العاصمة طرابلس، أضاءت طلقات الرصاص والألعاب النارية سماء مدن سبها والجفرة وزلة وبني وليد، وسرت ودرنة وورشفانة مساء أول من أمس، فرحاً وابتهاجاً بالذكرى 49 لـ«ثورة الفاتح من سبتمبر». كما تزينت الشوارع بالعلم الأخضر لعهد القذافي، ورفعت صوره وسط دوي الزغاريد والتكبير.
واستهل عشرات المواطنين من مدينة زلة (شمالي شرق)، أطلقوا على أنفسهم «أحرار زلة»، مسيرتهم الليلية بتلاوة بيان أعربوا فيه عن حبهم للقذافي، وانتقدوا حلف «الناتو»، الذي وصفوه بأنه دمر البلاد، وقالوا: «نحن أنصار معمر القذافي من البسطاء نحتفل بعيد (ثورة الفاتح)، وقد تحملنا ما جلبه الغرب وذيوله لهذا الوطن من كوارث ودمار في أحط مؤامرة عرفها التاريخ»، مشددين على أن «الفوز لمن يصبر أكثر في معركة العض على الأصابع، وما النصر إلا صبر ساعة».
وبدا واضحاً ظهور انقسام حاد بين المواطنين، الذين استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم حيال ذكرى «ثورة الفاتح»، فضلاً عن السياسيين والنشطاء الاجتماعيين، إذ قال أبو الحسنين العبيدي، الذي ينتمي إلى مدينة درنة، إن «ثورة الفاتح تعدّ سبب نكبة ليبيا وتخلفها»، ووصفها بأنها «إرث كبير من الجهل والأفكار الشيوعية الهدامة، وتبذير المال العام. هذا ما زرعه القذافي، ونحن نحصد الآن». وأرجع العبيدي سبب احتفال البعض بـ(ثورة الفاتح) بالتحصر على الأيام الخوالي للقذافي، مقارنة بما يلاقونه الآن، وقال: «بعد انتهاء الانتفاضة (ثورة 17 فبراير) بسنة، بدأ ذيول الإخوان والجماعة المقاتلة في تطبيق أجندات تركيا وقطر بالتهجير والتعذيب، والإقصاء لأتباع النظام والموالين له، وهو ما دفع الليبيين للاحتفال بالقذافي وذكرى ثورته».
في مقابل ذلك، أبدى حميد الوافي، أحد نازحي مدينة تاورغاء، تأييده للقذافي وثورته، وأظهر معارضة لـ(ثورة 17 فبراير) التي أسقطته، وقال بهذا الخصوص: «أنا من مؤيدي ثورة الفاتح والرئيس القومي معمر القذافي.. وبالنسبة لي بصفتي مواطنا مهجّرا من مدينتي منذ ثماني سنوات فمن الطبيعي أن أرفض ثورة هجّرت مدنا بأكملها، ولم تأت بعدالة اجتماعية». موضحا أن «للقذافي سلبياته، لكنه يظل بالمقارنة أفضل من الوضع الحالي. ففي عهده لم يكن مواطن ليبي يقتل أخاه الليبي، ولا نعرف كشعب مدنا تهجرت في عهده»، وانتهى قائلا: «الليبيون يحتفلون بالقذافي كي يبعثوا برسالة للحكومة الحالية، والقائمين على (ثورة فبراير) بأنها مرفوضة عند عامة الشعب».
ونزح الوافي ضمن 40 ألفا من أبناء مدينته تاورغاء، الواقعة على بعد 200 كلم جنوب شرقي العاصمة طرابلس، بعدما أُجبروا على مغادرة منازلهم بشكل جماعي بعد إضرام النيران فيها عقب (ثورة 17 فبراير) عام 2011 على أيدي ميليشيات مصراتة المجاورة، وأقاموا جبراً في مخيمات بشرق وغرب وجنوب البلاد.
في غضون ذلك، وجه عدد من الليبيين انتقادات لاذعة للمحتفلين بـ«ثورة القذافي» على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قالت رتاج الدرسي، إن «المحتفلين في الشوارع بذكرى الفاتح، ذكّروني بعازفي سفينة (تيتانيك)، وهم لا يدرون أنها تغرق»، في حين قال وهّاب عياد من درنة: «عندما ترى الشعب يحتفل بذكرى الفاتح تستغرب، وتتساءل عن الذين كانوا في الساحات والميادين في عام 2011».