الشجاعة في زمن الكوليرا !

معذرة لغارسيا ماركيز على سرقة عنوان روايته مع قليل من التغيير،" الشجاعة في زمن الكوليرا"، نعم الشجاعة وليس الحب ، فمسؤولينا يتحلون بشجاعة قل نضيرها وقد أعترفوا بأن جزائريين قتلتهم الكوليرا  قبيل رئاسيات 2019 التي من المفروض أن يكون كل شيء على ما يرام قبل خوضها.

كتب أحدهم متسائلا عن أسماء بعض السياسيين(لن أسميهم حتى لا أقع تحت طائلة القانون) وهؤلاء ليسوا كوليرا؟ 

لولا هؤلاء لما أصابتنا، التي آخر مرة قتلت جزائريين كان وباء سنو 1972 الذي أودى بحياة العشرات في بلدتي عندما كنت طفلة.

لكن ما دور معهد باستور في هذه الحالة؟ ولماذا تستروا عن الحالات التي ظهرت من أيام في ولاية البويرة ، ولماذا لم ينبهوا مبكرا للخطر الآتي ؟

ثم ما حقيقة الرسالة المزعومة التي تحدث عنها الزميل الصحفي محمد علال على صفحته على الفايسبوك ومتداولة بقوة على التويتر، والتي يقول فيها أن خبيرا إسباني راسل الرئيس بوتفليقة من شهرين يحذره من استهتار شركة تسيير المياه في العاصمة "سيال" التي تسيرها شركة فرنسية،  وتقول الرسالة حسب ناشرها، أن المؤسسة تستعمل مواد تطهير رخيصة وغير ناجعة وأن هذا سيؤدي الى انتشار الكوليرا وأمراض أخرى بين الجزائريين؟

ثم لماذا يسند تسيير مادة استراتيجية إلى شركة أجنبية وائتمانها على حياة الجزائريين  وتركها تتصرف على راحتها بعيدا عن أية مراقبة أو محاسبة؟ 

الشجاعة يا سادة يا مسؤولين ، ليس في الاعتراف  بالوباء والذي جاء متأخرا، الشجاعة هي أن تتصدوا له حتى لا يحصد أرواح الناس، فمن العار أن يموت جزائريون بوباء القرون الماضية، ثم تتفاخرون بأنه من الشجاعة الاعتراف بأنه خلف ضحايا؟

ألا تعرف وزارة الصحة أن الكوليرا وباء خطير قاتل ومعدي وينتشر بسرعة الريح في البلاد التي يحل بها؟ حتى في العصور البدائية كانوا  يمنعون سكان القرى والمدن التي يظهر بها الداء على الخروج منها حتى لا ينشروه في تجمعات سكانية أخرى ، ويمنعون أخرون الدخول إليها؟

الحالة التي تعيشها مدننا وقرانا، والأوساخ المنتشرة بها والتي تحدث عنها من أيام الروائي الزاوي، ستكون ليس فقط عرضة للطاعون، بل لكل أنواع الأوبئة الفتاكة، وليس فقط أيام العيد بل في كل أيام السنة.

الوقت ليس للشجاعة وإنما للتوعية بخطورة المرض وكيفية التصدي إليه لمنع انتشاره ، وتكوين فرق طبية  وخبراء لتحليل المياه والخضر والفواكه، وكان من المفروض أن يتم ذلك طوال السنة لمنع المزارعين من استعمال المياه القذرة في سقي المزروعات، خاصة البطيخ  الذي كثير ما يستعمل في سقيه مياه الصرف الصحي.

لكن المصيبة هي "سيال" إن صح ما جاء في الرسالة، لأنه في هذه الحالة لم يعد وباء الطاعون وحده المشكلة، وإنما هي نية للإبادة والمسؤولية لا تتحملها سيال وحدها، ومعهد باستور مجبر على إجراء تحاليل لمياه الشرب  ومراقبة المواد المستعملة من قبل مؤسسة تسيير المياه لرفع اللبس.

مقالات الكاتب

هنيئا يا جزائر !

كل شيء فيك جميل هذه الأيام يا جزائرنا، انتصارات الفر يق الوطني التي أعادت الأمل للشباب بعد سنوات من...

هلموا إلى الحوار !

لا أدري إن كانت المجاهدة، جميلة بوحيرد، ستقبل أن تكون ضمن الهيئة التي اختارتها منظمات من المجتمع الم...

الهويات القاتلة !

لا بأس أن أستعير من الروائي العالمي، أمين معلوف، هذا العنوان لكتابه "الهويات القاتلة"، لأعبر من خلال...