بين كوليرا وأخرى !

 قال إمام   بمسجد بحي تليملي في خطبته الجمعة، "أن الكوليرا  هي عقاب من الله للناس لأنهم ابتعدوا عن طريقه ونسوا ذكره، وعلاجها سبع تمرات كل صباح ، وقراءة آيتين من سورة البقرة والإكثار من الدعاء وقت الغروب"

نعم هذا ما قاله إمام تدفع راتبه وزارة الشؤون الدينية بالجمهورية الجزائرية، نفس الخطاب المعتوه الذي سمعناه أيام زلزال بومرداس، ومصيبة فيضانات باب الوادي، نفس الخطاب الذي برر قتل مئات الالاف أثناء العشرية السوداء، لأن الجزائريين حسب مروجوه ابتعدوا عن  الدين الصحيح .

أن يقول متشددون كلاما كهذا فهذا خطابهم، أما أن يقولها إمام بمسجد يتحدث باسم الدولة الجزائرية ويتشفى في المرضى ويبرر المصيبة من منظور ديني، فهذه مصيبة أخطر من الكوليرا ومن كل الأوبئة.

وعليه حان الوقت لإعادة النظر في الخطاب الديني وفي تكوين الأئمة، لأنه رغم كل ما قاساه الشعب الجزائري على يد الارهاب، ما زال الخطاب الديني ينشر الاحقاد بين الناس ، ويرجع المصائب التي نتعرض إليها إلى المرأة ويبررها بالابتعاد عن الدين.

لا ينبغي الاستهانة بدور الإمام الذي يتحدث يوميا إلى الالاف من الناس، ويغلف خطابه بغلاف ديني، وعليه وجبت مراقبة ما يقوله هؤلاء، فكان على الأئمة لصلاة الجمعة أن ينشروا الوعي بين الناس عن أسباب الداء وكيفية تجنبه بطرق علمية وليس بخرافة التمرات أن يحثهم على نظافة الجسم والمحيط  وأن ينهي الفلاحين عن الخداع وسقي المزروعات  بالمياه القذرة، ما يتسبب في ظهور حالات من الكوليرا، ويحثهم على تغليه ماء الشرب، وينهي التجار عن استغلال الوضع لتحقيق ارباح غير مبررة من اقبال الناس على اقتناء المياه المعدنية، فدور الإمام هو تربوي توعوي، وليس التشفي في الناس، ألا تكفيهم المصيبة؟ 

وعلى رواد  مواقع التواصل الاجتماعي   بدورهم، تبادل كيفية التصدي لانتشار المرض وتفادي التهويل، وتبادل الاتهامات، فليست السلطات وحدها المسؤولة على الداء، إذا كان الفلاح يخدع ويسقي المزروعات بمياه الصرف الصحي، وطرق تخزين المواد الغذائية غير صحية، والناس لا تهتم للقاذورات ترميها  كل ركن وفي كل شارع طوال السنة وليس فقط أيام العيد، ومحلات الأكل السريع تنتشر بعيدا عن الرقابة ولا تحترم الشروط الصحية في أغلبها، والتلوث البيئي بلغ درجة من الخطورة في كل مكان، فمن الطبيعي أن تجد جراثيم الكوليرا  وسطا تتكاثر فيه وتنتشر.

الوقت للتضامن الاجتماعي  لمواجهة الداء حتى لا يتحول إلى وباء وتتخذ البلدان الأخرى إجراءات وقائية ضد مواطنينا، فالمشكلة ليست مشكلة السلطة وحدها.

حتى في زمن الحزب الواحد والتلفزيون الواحد كنا أكثر تنظيم ، وتمكنا من القضاء على هذا النوع من الأمراض والأوبئة بفضل برامج توعوية دورية، واليوم عمت الفوضى رغم تنوع وسائل الاتصال التي تعمل على التهويل وزرع الرعب أكثر من نشرها الوعي لمواجهة المصائب.

مقالات الكاتب

هنيئا يا جزائر !

كل شيء فيك جميل هذه الأيام يا جزائرنا، انتصارات الفر يق الوطني التي أعادت الأمل للشباب بعد سنوات من...

هلموا إلى الحوار !

لا أدري إن كانت المجاهدة، جميلة بوحيرد، ستقبل أن تكون ضمن الهيئة التي اختارتها منظمات من المجتمع الم...

الهويات القاتلة !

لا بأس أن أستعير من الروائي العالمي، أمين معلوف، هذا العنوان لكتابه "الهويات القاتلة"، لأعبر من خلال...