إقالة وزير العدل تفتح الشهية للتغيير !
إقالة وزير العدل أمس من قبل رئيس الدولة، عبدالقادر بن صالح، هل هي تمهيد لإقالة حكومة بدوي، مثلما اشت...
لما زار الرئيس هولاند وايضا ماكرون ووزراء فرنسيين الجزائر وجلسوا يرتشفون الشاي قبالة البريد المركزي، انتقدنا الوزراء الجزائريين الذين رافقوهم في الجولات، و أعبنا عليهم أنهم منزوون في ابراجهم العاجية بعيدا عن الشعب ولم ينزلوا إلا لمرافقة الضيوف الفرنسيين. لكن عندما خرج أول أمس رئيس المجلس الشعبي الوطني سيرا، إلى ساحة البريد المركزي ليشرب فنجان قهوة، انقلبت الدنيا، واتهم أنه كسر البرتوكول، وأن المجلس ملتهب بسبب الأزمة بينما هو يتجول غير مبال في الشارع. بل ذهب بعضهم للقول أن في الأمر تسويقا للرئاسيات وبوحجة يختبر شعبيته ويعرض نفسه كبديل لبوتفليقة.
فضائح الإعلام المتهور لا تنتهي، فمن المفروض أن بوحجة نائب في المجلس الشعبي، ممثلا للشعب عن ولاية تاريخية ولاية سكيكدة التي عاشت أحداث 20 أوت الدامية، ومكانه الطبيعي أن يكون وسط الشعب، وربما خروجه إلى مقهى البريد المركزي تأخر كثيرا، لكن لا بأس، فمن حق الرجل اتفقنا أم اختلفنا معه أن يرسل رسائل سياسية إلى خصومه في حرب الأعصاب القائمة بينه وبين النواب لمطالبته بالتنحي.
ثم هل هي تهمة أن يجلس بوحجة مع نائب سابق "محسوب على الجنرال توفيق" مثلما ادعوا، فحتى رئيس الجمهورية نفسه اشتغل 16 سنة مع الجنرال توفيق كمدير لجهاز الأمن، فاين المشكلة، واين هي المؤامرة أو الانقلاب على الرئيس وغيرها من التهم التي صيغت عن عجل للإطاحة بالرجل؟
سيرحل بوحجة حتما من على رأس المجلس إن آجلا أم عاجلا، سواء بحكم السن وانتهاء فترته النيابية، أو بحكم "شرعية الواقع" التي تحدث عنها الوزير الأول، فبوحجة ابن النظام ويعرف جيدا هذا المنطق. ثم أليس المطلب هو تسليم المشعل للشباب في كافة المؤسسات وليس فقط في المجلس الشعبي الوطني، الذي يضم الكثير من النواب الشباب، لكن المصيبة أن أغلبهم يجهل القوانين المسيرة للمجلس مثلما تبين في الأزمة الأخيرة، بل وأكثر من ذلك لا يعرفون حتى ما هو دور النائب في هذه المؤسسة الدستورية، والدليل أن أغلبهم يغيب على جلسات المجلس وعن مناقشة مشاريع القوانين؟
مهما كانت نهاية أزمة البرلمان، والتي لا أعتقد أنها ستطول أكثر، ومثلها مثل الأزمات السابقة بين أجنحة النظام، فإن الخاسر دائما هو الإعلام الذي يصطف إلى الطرف أو الآخر، فكل مرة يكشف الإعلام عن عدم حرفيته وعن بعده عن قواعد المهنة وأخلاقيتها، مما يزيد الأزمات تعفنا، ويجد المواطن نفسه أمام وضع مبهم لا يعرف فيه من على حق ومن على باطل، وينتهي به المطاف إلى الاستقالة، إذ يصل إلى قناعة أن الأمر لا يعنيه لأنه حرب أجنحة السلطة على مصالح لا غير !
تعلموا من دروس الماضي بل التزموا بالحيادية التي تفرضها المهنة، فبوحجة سيبقى ابن السلطة تماما مثل أويحي ومثل ولد عباس، وواجبنا إعلام المواطن وليس الاصطفاف مع