إقالة وزير العدل تفتح الشهية للتغيير !
إقالة وزير العدل أمس من قبل رئيس الدولة، عبدالقادر بن صالح، هل هي تمهيد لإقالة حكومة بدوي، مثلما اشت...
هز خبر إيداع خمس جنرالات الحبس المؤقت على ذمة التحقيق الإعلام العالمي، واحتل الصفحات الأولى للأخبار. فلأول مرة يقف ضباط سامون أمام العدالة بتهم من هذا الحجم، فماذا يحدث في الجزائر؟
يحدث أننا من سنوات ونحن نتهم السلطة بالسكوت على الفساد، سواء بين بعض المسؤولين السامين في الجيش أو في دواليب الحكومة، وها قد بدأ التطهير بحبس خمس الوية على ذمة التحقيق في قضايا فساد واستغلال المنصب، وبدأت معها التأويلات والصاق التهم الجاهزة على أنها تصفية حساباتوصراع بين أجنحة السلطة.
ربما العملية غير مسبوقة، أن تسجن أسماء كبيرة كان مجرد ذكرها مرعب، لكن ربما هي الخطوة الأولى على طريق الحرب على الفساد التي يجب أن تشمل الجميع، في الجيش وفي الحكومة وكل من مر بها وفي كل المؤسسات، وابناء الوزراء وزوجاتهم، فبعض الزوجات أكثر نفوذا من أواجهن، حتى أن بعض الوزراء محسوبين على الزوجات وقدموا لهن خدمات جليلة بمناصبهن، مع حفظ الأسماء. لكن ما دامت الحرب على الفساد قد بدأت وأعتقد أنها حربا جادة، فلن يتأخر الكشف على كل الأسماء المتورطة.
المحاكمة التاريخية التي مازالت لم تفصل فيها بعد المحكمة العسكرية بالبليدة، ليست ضربة موجهة للمؤسسة العسكرية، ولا هي تلطيخ لسمعة مؤسسة حمت البلاد من الارهاب، وصانت الدولة من السقوط، وإن كان بعض مسؤوليها استسهلوا الوضع السياسي واستغلوا ظرف الحرب على الإرهاب للإثراء والنهب، هذا لا يعني أن المؤسسة فاسدة برمتها، مهما كان ثقل الاسماء والمسؤوليات والرتب التي تقلدتها، فهي المؤسسة الوحيدة التي ما زال يعول عليها لا اقول في قيادة التغيير، فقد تبرأ قائد الأركان من الشأن السياسي ونأى بالجيش عنه، بعد تجربة التسعينيات التي كبدته الكثير، لكنها الوحيدة التي بإمكانها حماية الجمهورية من السقوط، وحماية الدستور التي هي إحدى مهام الجيش.
تقديم قادة الجيش، لزملاء لهم اشتبه فيهم ضلوعهم في قضايا فساد، فالمتهم بريئ حتى تثبت إدانته ويصدر في حقه حكم، أرادوا أن يرسلوا من وراء هذا الموقف القوي والصعب رسالة إلى المدنيين، ممن دعوا الجيش للتحرك ووضع حد لكل للمآسي الحاصلة في البلاد، فبدأ إذا بتطهير صفوفه، وما الجنرالات الخمسة إلا الدفعة الأولى، وسيلتحق بها أسماء لا تقل ثقلا عن الأولى. فهل ستتخذ السلطة المدنية موقفا مماثلا وتقدم كل من أثروا ثراء فاحشا من خلا مناصبهم في الحكومة أو قربهم من مسؤولين سامين مستغلين الظروف الأمنية الصعبة التي مرت بها البلاد، والبحبوحة المالية غير المسبوقة التي تحققت من الطفرة النفطية من سنوات، وقد شاهدنا في محاكمات الخليفة والطريق السيار وقضايا الفساد الأخرى وأيضا من خلال قضية البوشي والكوكايين التي كشفت عن أسماء الفساد في الجيش ومؤسسات أخرى، حجم الفساد وتورط أسماء كبيرة في الحكومة لكن بعضها افلت من العقاب لأسباب نجهلها.
آلة التطهير قد بدأت، وعليها أن تستمر لاجتثاث كل الفاسدين ممن نهبوا البلاد وزرعوا اليأس في نفوس أبنائنا وأجبروا الالاف منهم على الحرقة وخوض مغامرات خطيرة.
العدالة وحدها سواء كانت عسكرية أو مدنية بإمكانها أن تساهم في إعادة الثقة للمواطن بمحاكمات عادلة لكل من تورط في الفساد، بل ننتظر منها أكثر من ذلك استرجاع كل الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج والأكيد أنها بالملايير وكافية لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية ومن التقشف الذي يدفعه البسطاء.
القضية للمتابعة !