مختصر الحياة
إن الحياة قصيرة .. لو كانت الدنيا مثلما نريد لما تمنينا الجنة، لإن جميع ملذّات هذه الدنيا ستفقدها، و...
إن الحياة قصيرة .. لو كانت الدنيا مثلما نريد لما تمنينا الجنة، لإن جميع ملذّات هذه الدنيا ستفقدها، وسيبقى عملك فقط، لقوله تعالى: (إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ).[العلق: 8].
إن الحياة شمعة براقة بدايتها نور ونهايتها ظلام دامس، وقد قيل عنها هي مسرح كبير كل شخص يلعب دور البطولة في جزء من المسرحية، ثم يترك مكانه ليلعب الدور شخص آخر.
قال الخليفة عمر بن عبد العزيز - رحمه الله: إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة اللَّه عليك، وليتأكد كل واحدٍ بأنهُ عندما يظلم الناس بدون استحقاق، فأنهُ يظلم نفسهِ أولاً، والإنسان لا يبقى لهُ في دنياه غير ما قدمهُ من خير وذكرٍ طيب، والتاريخ شاهد على ذلك، لإن الظلم عاقبته وخيمة لقوله تعالى: (مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ).[فصلت: 46].
نصيحة .. لا تغرك نفسك ولا تتكبر على الآخرين .. مهما فاق جمالك، وزاد علمك، وكثر مالك، وعلا منصبك، فهو زائل له نهاية، ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ !!
خاتمة .. إن مختصر الحياة أنت تصنعه في الحرص أولاً على محبة الناس لك، و الإيمان بأنّ اللَّه سيعطيك في حياتك ما يكون لصالحك ما دمت على صلة به، لإن العمل الصالح يمحو السيئات ويكفر الذنوب، وقد قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ).[العنكبوت،: 7]، وقوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).[النحل: 97]، وفي حديث عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، رواه مسلم في صحيحه، عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (من نفَّس عن أخيه كربة من كُرَب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما يسر الله له طريقا إلى الجنة، وما جلس قومٌ مجلسا يتلون كتاب الله عز وجل ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وخفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أَبطأ به عمله لم يُسرع به نسبه).
قاضي أنيس صالح جمعان