إقالة وزير العدل تفتح الشهية للتغيير !
إقالة وزير العدل أمس من قبل رئيس الدولة، عبدالقادر بن صالح، هل هي تمهيد لإقالة حكومة بدوي، مثلما اشت...
لا أدري إن كانت المجاهدة، جميلة بوحيرد، ستقبل أن تكون ضمن الهيئة التي اختارتها منظمات من المجتمع المدني لقيادة الحوار الوطني الذي أعلن عنه رئيس الدولة منذ أسبوعين، وهي التي تخرج كل جمعة في الحراك ضمن مربع الرافضين للحوار وللإنتخبات، والمطالب برحيل رئيس الأركان وبمجلس تأسيسي؟
مهما يكن رد السيدة، فإن اعلان رئيس شبكة "ندى"، عبد الرحمن عرعار، عن المبادرة، التي دعا إليها المنتدى المدني للتغيير، وهو مشكور على اختياره شخصيات لتمثيله في الحوار الوطني، للخروج من الجمود ورفض الحوار. وإن كنا لا نعيب شيئا على الأسماء المختارة التي حاول المنتدى من خلالها أن تمس جميع القناعات والفئات، والاستجابة لمطالب الحراك، وأغلبها طالب بها الحراك لتقود "المرحلة الانتقالية"، إلا أن ما غاب عن القائمة، الا اذا كانت هناك أسماء ستعلن عنها لاحقا، هي أنها لم تخرج من العاصمة، ولم تقترح أسماء من الولايات الداخلية عكس ما دعا إليه رئيس الدولة، الذي قال أنه يجب أن يراعي الحوار الشباب في المدن الداخلية، فالحراك لم يقتصر على العاصمة وحدها بل إن محركه الأول كان في الولايات الداخلية، في خراطة وبرج بوعريريج وخنشلة، أين أسقطت صورة بوتفليقة لأول مرة.
الجديد في المبادرة، رغم النقائص، تقدمت خطوة لتجسيد مبادرة الحوار باقتراحها أسماء، ونظرا لأهمية الشبكة والقوى الفاعلة المشاركة في المنتدى ودورها الاجتماعي المعترف به وطنيا ودوليا، فإن اعلانها سيخرج بمبادرة الحوار من حيز التخوين والرفض، الذي استهدف كل الأسماء المقترحة منذ بداية الحراك.
وبدون حوار جدي متفتح على كل الفئات والجهات، لتقديم خريطة طريق مستمدة من المطالب المرفوعة كل أسبوع من طف المتظاهرين المطالبين بالتغيير وذهاب كل عناصر العصابة التي دمرت البلاد لأزيد من عشريتين، فإننا سنبقى ندور في حلقة مفرغة، وهو ما تريده بعض المربعات التي اخترقت الحراك وصارت تقدم مطالب لم تكن في صلب ما رفعه الحراك في أسابيعه الأولى، فالجزائريون لم يخرجوا من أجل الذهاب إلى مجلس تأسيسي، سيسجن البلاد في صراعات الهوية والدين والجهوية، وهي صراعات حاول الدستور الحالي، رغم نقائصه، الاستجابة لمطالبها، كدسترة الامازيغية ورفعها إلى لغة وطنية ورسمية تدرس في كل أطوار التعليم، وقبلها الاعتراف بالأمازيغية كبعد من أبعاد الهوية الوطنية.
الحوار وحده يحمينا من القوالب والحلول الجاهزة مثل التي فرضها علينا نظام التسعينيات، الذي أدخل مع الإرهابيين البلاد في أزمة أمنية ومؤسساتية، ما زلنا لم نخرج منها إلى اليوم.
والجزائريون اليوم أمام فرصة تاريخية وغير مسبوقة منذ الاستقلال ليشاركوا ويقترحوا الحلول المستمدة من مطالبهم المرفوعة لإخراج البلاد، ليس فقط من الأزمة الراهنة، بل لرسم معالم الجمهورية الجديدة التي تستحق بجدارة اسم الديمقراطية المنصوص في عنوانها، ولبناء دولة الحق والقانون المنشودة، والتي لن تكون مجرد شعار تردده السلطة، بل سيفرضه الحراك الذي حقق حتى الآن ما لم يحققه الجزائريون منذ الاستقلال واجبارهم السلطة على الامتثال لمطالبهم بالتغيير والحرب على الفساد التي باشرها القضاء، وهي الأخرى غير مسبوقة ليس فقط في الجزائر بل في المنطقة العربية كلها.