إقالة وزير العدل تفتح الشهية للتغيير !
إقالة وزير العدل أمس من قبل رئيس الدولة، عبدالقادر بن صالح، هل هي تمهيد لإقالة حكومة بدوي، مثلما اشت...
وأخيرا، اعترف رئيس فرنسي لأول مرة بأن بلاده مارست التعذيب خلال فترة احتلالها للجزائر ووضعت نظاما له، وها هو ماكرون يفتح الباب واسعا أمام المزيد من الاعترافات، فما على الطرف الجزائري إلا تنظيم نفسه في جمعيات مثل جمعية الثامن ماي 1945 التي اسسها المرحوم بشير بومعزة، لافتكاك الاعتراف والاعتذار ولما لا التعويض، مثلما عوضت ألمانيا عن جرائمها في حق اليهود.
فبعد 61 عاما من النضال، تمكنت أخيرا أرملة الشهيد الجزائري موريس أودان من افتكاك اعتراف الجمهورية الفرنسية باختطافها وتعذيبها وقتلها للمناضل اليساري الجزائري موريس أودان سنة 1957 من قبل الجيش الفرنسي، الشهيد الذي دفع حياته ثمنا لاستقلال الجزائر.
ومهما كانت نية الدولة الفرنسية من وراء هذا الاعتراف غير المسبوق، فإنه اعتراف تاريخي سيعيد ترتيب الكثير من الحسابات، وسيجبر الجمهورية ذات الارث الاستعماري الثقيل، على التخلي عن موقفها الرافض للاعتراف بجرائمها الاستعمارية ليس في الجزائر فحسب، بل في كل مستعمراتها القديمة، فالاستعمار لم يكن أبدا فعلا حضاريا كما تسجله في كتب تاريخها، بل جريمة ضد الانسانية، لا تقل بشاعة عن جريمة العبودية.
ربما يريد الرئيس الفرنسي بهذا الاعتراف، استرجاع ذاكرة أستاذ الرياضيات الشاب الذي قتل ولم يتجاوز عمره27 سنة، لكن ليعلم ماكرون أن موريس أودان هو شهيد جزائري، تماما مثلما شولي وانيس تينير وغيرهما من حملة الاسماء الاوربية، جزائريين اختاروا جزائريتهم حبا وطواعية، ولن ينتزعه هذا الاعتراف منا ومن كونه شهيد من شهدائنا الذين ندين لهم بكرامتنا، فمرحبا بهذا الاعتراف الحدث مهما كانت حسابات ومآرب الجمهورية الفرنسية من ورائه، فما كان رئيسها ليخطو خطوة جبارة كهذه دون حسابات الربح والخسارة من ورائها.
لكن لن يكتمل الاعتراف بجريمة فرنسا في حق موريس، ما لم تتبعها اعترافات بتعذيب لعربي بن مهيدي والمئات بل الالاف والملايين إذا ما حسبنا كل الجرائم التي اقترفها جيشها الاستعماري في حق الجزائريين ومنها جرائم 8 ماي 1945 التي اقامت خلالها محارق في قالمة وخراطة وسطيف ومدن أخرى لا تقل بشاعة عن المحارق النازية، ومحرقة أولاد الرياح التي اجبرت سكان قريتها على الهروب إلى مغارة وإضرام النار فيهم مع مواشيهم وأطفالهم ونسائهم وقتل الالاف منهم، ويكفي قراءة في كتب العديد من مجنديها الذين هالهم ما كانوا يشاهدونه من جرائم بشعة في حق النساء والاطفال والشيوخ.
هكذا فقط يمكن لنا كتابة تاريخ متحرر من ذنوب المغتصبات والايتام والمعذبين والمظلومين والمقهورين والقائمة تطول.
لقد فتحت علبة الباندور، ولن نسمح بغلقها إلا باستخراج كل أوساخ الماضي الاستعماري، وبعدها فقط يمكن الحديث عن ترميم الذاكرة و عن بناء صداقة وشراكة مع فرنسا التي هي بالنسبة الينا مثل الانف في الوجه لا يمكن تفاديها لكن لتكن علاقة على أسس صحيحة تحترم كرامة ومصلحة الطرفين.
لن نسكت بعد الآن، بعد ان افتكت لنا جوزيت أودان والكثير من أحرار فرنسا من مثقفين وسياسيين، ما عجزت عن افتكاكه وزارة المجاهدين ومنظمتهم ولجان البرلمان المزعومة على افتاكه، فهكذا فقط سنتحرر من عقدة الضحية التي توارثناها جيلا عن جيل ، وهكذا فقط يمكن الحديث عن صداقة بين شعبينا وعن بناء علاقات الند للند.