إقالة وزير العدل تفتح الشهية للتغيير !
إقالة وزير العدل أمس من قبل رئيس الدولة، عبدالقادر بن صالح، هل هي تمهيد لإقالة حكومة بدوي، مثلما اشت...
صورة مؤلمة متداولة للطفل التبسي وحيد والديه، وهو يتشبث بالحياة وسط السيول الجارفة، يقف بهدوء تحت الشلال، منتظرا ساعة الفرج، أو يدا تلقي له بحبل لانتشاله من الغرق، لكن ليس هناك يدا، هناك فقط كاميرات هواتف تتسابق على تسجيل اللحظة لنشها على مواقع التواصل.
لا أدري من ألوم هنا، السلطات المحلية في ولاية تبسة التي لم تجهر المجاري بعد الصيف حتى لا تحدث فيضانات وتجرف معها الناس مثلما حدث في الجزائر سنة 2001، ومثلما يحدث في ولايات أخرى خاصة في مناطق الجنوب التي تتعرض دوريا للسيول تجرف في طريقها السكان، أم الوم هذا النوع الجديد من الناس، مهووسون بالتصوير والنشر على المواقع، ونسوا شيء اسمه إغاثة إنسان في خطر الموت، وهو وضع الطفل الذي قضى أمام مشهد من الناس .
الصورة تذكري بفتاة الفيتنام التي كانت تركض والنار تلتهم جسدها، فما كان من المصور الصحفي إلا أنه ألقى بالكاميرا وركض نحوها يطفئ النار من عليها. كما تذكرني بصورة أخرى لطفل خلال مجاعة السودان سنة 1994، كان نسر يقف بقربه ينتظره أن يموت وينقض عليه، الصورة التي انتحر صاحبها قهرا مما رآه، تذكرني بالشاب المالي الذي انقض طفلا كاد يسقط من شرفة في فرنسا، فتحول إلى بطل في فرنسا يستقبله رئيسها ، ويمنحه عملا وجنسية.
كان على مصور تبسة أن يحاول إنقاذ الطفل من الغرق، وليس نقل صورة موجعة لنا ولأهله ولكل من سيراها، ففي مثل هذه المواقف نختبر الانسانية، ونختبر النخوة والشهامة المزعومة.
كم من شخص ألقى بنفسه للتهلكة لإنقاض شخص آخر من الغرق أو من النار أو من قطار كاد يدهسه، لكن كل مشاهد فيضانات تبسة التزم ناقلوها موقف المتفرج، وفي أحس الاحوال الدعاء بأن يبعد الله غضبه عنهم لا غير.
نعم ألوم المتفرجين، ما أقصى قلوبهم ، وكيف لم ترتعش يد المصور وبقي ثابتا ، بينما طفل صغير يصارع السيول، الومه ، قبل أن ألوم السلطة، ألوم سكان تبسة مثل بقية سكان الولايات الأخرى، لأنهم لا يختارون ممثليهم في المجالس المحلية عن كفاءة، بل عن طريق العروشية وبن عميس، ما أدى إلى تدهور الحياة في مدنهم وقراهم، فهم بهذا يدفعون ثمن حميتهم وانتصارهم للعشيرة.
سيسخطون أياما ويندبون في مواقع التواصل ثم ينسون، ويعيدون انتخاب نفس اللصوص والكذابين، ويستمر الوضع على ما كان عليه حتى مأساة أخرى !