ابتسامة عبدالملك السنباني لم تشفع له أمام قاتليه

لا أعرف عبدالملك السنباني المغترب في أمريكا ، لكنني أعرف ابتسامته ، اعتقله أفراد من مليشيا الانتقالي وربطوا يديه إلى الخلف ثم قتلوه ، قتلوه وهو عابر سبيل واستباحوا ممتلكاته وسرقوا وعبثوا بكل شيء في شنطته وما زالت دماؤه هناك شاهدة على جرمهم وهو آمن ومطمئن ، لم يقتلوه في مظاهرة ولا في جبهة من جبهات القتال ، بل قتل بدم بارد برصاص كلاشنكوف أطلقها قتلة يحميهم الانتقالي .

قلت إنني لا أعرف عبدالملك السنباني ، لكنني أعرفه ، ألتقيت بشباب يشبهونه هنا في القاهرة عاصمة اللجوء اليمني ، كانوا يتحدثون عن حنينهم إلى وطنهم المدمر الذي دمره الحوثي وطيران التحالف وهم يمسحون دموع عيونهم ويبتسمون ابتسامات غامضة تشبه ابتسامة السنباني .

هاجر السنباني إلى أمريكا من أجل البقاء والتواصل مع وطنه المنكوب الذي تتناوب إيران والتحالف على تدميره بواسطة قاذورات العمالة والارتزاق ، مليشيات تجردت من كل القيم الوطنية والتحقت بركب الخيانة والتبعية ، قتل عبدالملك برصاص التطرف المناطقي لتذكره بأنه لا يعيش في وطنه ، بل في مستعمرة أرادت تحويل العار إلى نمط حياة .

جريمة قتل السنباني تعد جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني ، تستوجب مقاضاة ومعاقبة مرتكبيها والمسؤولين عنها ، ولكن كيف سيتم محاسبة هؤلاء والشرعية المعنية بحماية أمن اليمنيين واستقرارهم منزوعة القرار ، وكيف يمكن الحديث عن الشرعية والبندقية المنفلتة هي التي تتحكم فينا ، وحينما يكون السلاح هو الحكم بيننا ، فهذا يعني أننا لم نعد أخوة ولا تجمعنا المشتركات الإنسانية أو الوطنية ولا تظللنا خيمة الوطن .

لا يمكن الحديث عن المواطنة في ظل غياب الدولة ووزارة الداخلية عاجزة عن إيقاف الخارجين على القانون المحتمين بعباءة الإجرام ، فالمواطنة تعني العضوية الكاملة في مؤسسة الوطن ، لكنها أصبحت أضحت اليوم من حق المنتمين للمليشيات ، فالقاتل اعتقد أنه برصاصاته تلك سيعيد الدولة التي يزعم أنه يعمل على استعادتها ، فمتى سيفهم هؤلاء أن الدولة لا تستعيدها المجاميع المنفلتة الخارجة عن القانون .

لم يدرك قتلة السنباني أن اليمن وطن وليس مذهبا ولا طائفة أو منطقة
وأنهم بهذه الطريقة الوحشية التي أدمت قلوب اليمنيين ، أنهم وحدوا مشاعر العزة والكرامة ، بينما هم فقدوا كرامتهم ولن يستعيدوها ، طالما وأنهم مازالوا يصرون على تبعيتهم لدولة الاحتلال الإمارات التي لن تكسبهم سوى الخضوع والذل وسيلاحقهم العار إلى الأبد .

عادل الشجاع

مقالات الكاتب