حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة

على طريقة البحوث العلمية طرح تساؤلات أو صياغة فروض علمية للدراسة والسعي بعد ذلك للإجابة الدقيقة والمنهجية على تساؤلات الدراسة وفرضياتها واختبار صحة هذه الفروض المتخمنة وجود علاقة بين متغيرات الدراسة ( مستقلة، تابعة، وسيطة)
ومن هنا يمكننا طرح هذا التساؤل لموضوعنا كي نستطيع الخوض في الموضوع وفق منهجية علمية وضبط منهجي  وذلك من خلال إطار نظري يتمثل في ثلاث نظريات هي :
- النظرية الليبرالية 
- نظرية المسؤولية الإجتماعية 
- النظرية السلطوية 
وسيتم من خلال الإجابة على هذا التساؤل ذكر الجدلية القائمة بين النظريات الثلاث 
نبدأ على بركة الله

هل تتعارض حرية الصحافة مع أخلاقيات المهنة ؟
و كيف يمكننا الالتزام بأخلاقيات الصحافة في ظل الانظمة الديمقراطية والانظمة الاستبدادية ؟

قبل ان نلج في الموضوع نصوب كلامنا حول بداية السؤال وكيفية حلحلته والوصول الى اجابة شافية وكافية لأكثر الموضوعات ثراء وتناولا وجدلا ،ولايتأتى لنا ذلك بالقراءة السريعة والسطحية ، التي لاتشفي غليلا ولاتروي ظمأ فكريا لباحثين عطشى يعطون الكلمة الواحدة جل أهتمامهم وسخاءهم بحثا وتفسيرا وتحليلا وانتقادا فضلا عن الجملة والعبارة ،
بمقدوري اجيب بنعم ،،تتعارض،،أو بلا تتعارض الحرية والاخلاقيات دون اعطاء للموقف أهميته ،
لكن لست مقتنعا بهكذا اجابة مغلقة في أكثر الموضوعات احتداما وجدلية دون تحديد مسارا للبرهنة أو الشرح كما نص عليه السؤال القائم على القراءة الواقعية المتأنية للموضوع  التي تذكر أراء الفرق المؤيدة والمعارضة والوسطية بينهما لتتولد بعدها القناعات  وتترسب خلاصات الافكار والرؤى الناجمة عن تراكم معرفي من دراسات وبحوث متعمقة في هذا المجال،
ان حرية الصحافة واخلاقيات المهنة تعتبر في نظر البعض نقيضان تجمعهما هدف السعي الجاد لتحسين صورة كلا منهما ،ايهما الاجدر والاقوى والاصلح في تحقيق المصلحة العليا والمستدامة للصحافة والمجتمع ،ومن وحي هذه المبارزة الاستعلائية  ،ينظم كل فريق اهدافه ويضع برنامجه الدعائي من أجل البقاء والهيمنة الفكرية والتنظيرية،
حيث يرى مؤيدوا حرية الصحافة ،ان الصحافة لاتنهض بمسؤولياتها بالمجتمع وتنجح في قراراتها التطويرية المتمثله بنشر كل يبدى لهم نشره بهدف الرقي والتطور والتقدم والبعد عن معاني التخلف والتقهقر والانزواء  الا بواسطة صحافة متحررة من كل قيد او ضوابط أو التزام او قوانين تقف عائقا او تحد من رقي وتطور الصحافة (الحرة) في مجتمع راقي بنظرهم بافكاره متغير في مساره واتجاهاته نحو ،،العلو والرفعة،، يتجه الى سبر أغوار الكواكب الاخرى للعيش فيها بدلا من كوكبنا الارضي ويمثل هذا الاتجاه ،،اصحاب حرية الصحافة المطلقة ،،
بينما يرى الفريق الاخر انه لابد من ضوابط والتزامات بل وقيود او تشريعات تنظم عمل المهنة لصالح هذه الفئة أو الطبقة  حتى لاتتحول الصحافة بنظرهم الى فوضى تهدد مهمة الصحاقة وتقض مضاجع   أنظمتهم وتؤرق منامهم وتسيء الى المجتمع عموما ،وتعمل على تدمير وطمس معالم الثقافة ومجموعة المبادئ والقيم المستوحاه والمنبثقة من أخلاقيات الاديان وتراكم الخبرات والمعارف للمجتمعات وسلوكيات أفرادها في الحياة او الواقع المعاش عبر الازمان المتعاقبة، وتوجهات تنظر للحياة والواقع من منظور فلسفة مادية بحتة أكثر من يكون قيمي ضميري أخلاقي ،،ويذهب في هذا الاتجاه الانظمة الاستبدادية ،،
وبين هذا وذاك  يبرز إتجاه اكثر عقلانية واتزان لايغلب رأي الحرية المطلقة للصحافة والفلسفات المادية البحتة على اعتبار ان ذلك يؤدي الى الانحطاط القيمي والافلاس الاخلاقي والتردي الى مستنقعات الفوضى والرذيلة والاساءة الى الاخرين ، ولايميل الى الانضباط او الالتزام الزايد وبمعنى أصح الى الاقننة والتشريعات الاعلامية على اعتبار ان ذلك يقف عائقا وتحد لحريات الرأي والتعبير وسلطة الصحافة الرقابية على الحكومة ومسؤولياتها النهضوية التنويرية للمجتمع ،
ويسير بهذا الاتجاه ،،اصحاب نظرية المسؤولية الاجتماعية ،
بعد هذا الطرح التمهيدي للموضوع وفهم أراء ثلاث اتجاهات بخصوص تعارض او تقاطع حرية الصحافة مع اخلاقيات المهنة ،
نستطيع الان ومن خلال هذا الطرح ان نصدر الاحكام السريعة وحتى    التي ربماتصل الى الاعدام الفكري والتنظيري بناء على حيثيات الحكم وشهادة الشهود من مدارس الاتفاق والاختلاف والوسطية واتجاهاتها النظرية والمعلوماتيه 
فهمنا كذلك مقدار العداء التي تكنه مدرسة حرية الصحافة المطلقة ودعوتها النشازية الى ممارسة العمل الصحفي متنصلة من كل  قيد أوضابط أو التزام اخلاقي وهذا مايفسر لنا تصادم الحرية المطلقة للصحافة مع اخلاقيات مهنة الصحافة ،،يكون بمقدور الصحفي في ظل هذه الظروف ان يلتزم مثلا ببعض الاخلاقيات النابعة من ضميره الحي ومؤهله وعمله بمهنية ان ينقل او ينشر بصدق ودقة ويغطي ويرسل باحترافية وحتى بموضوعية ربما ،لكن الصحفي في ظروف وحرية مطلقة كهذه تتصعب عليه الاستقلالية لانه يتبع صحيفة او مؤسسة اعلامية من الضروري مسايرة سياساتها واتجاهاتها 
اضافة الى الحيادية وعدم الانحياز والامانة والتشهير بالاخرين وتصويرهم  ونشر كل مايعمل على تفتيت نسيج المجتمع وبنيته وقضايا العار والشرف والابتزاز من المواطنين نتيجة النشر لهم وغيرها من اخلاقيات يصعب تطبيقها في البيئة والحرية المطلقة ،وفي المقابل تزرع الانظمة الاستبدادية كثير من القيود التي تجعل الصحفي غير قادر على ممارسة بعضا من اخلاقيات المهنة كالدقة في النشر والصدق في الكتابة لان الصحفي مكبل بقيود في ظل الانظمة الاستبدادية  فربما كتابة معينة مثلا تخدم المجتمع وتعمل على تعرية الفساد الاداري تخالف لوائح الانظمة الاستبدادية يكون مصير الصحفي فيها السجن ان سلم على القتل وبهذا تغيب من الواقع الصحفي كثير من الاخلاقيات      كالحيادية والصدق وقول الحقيقة والمهنية ومجاملة ومداهنة الحاكم حتى لوكان ذلك على حساب مصلحة المجتمع وتطوره وازدهاره
لكن يستطيع الصحفي ان يؤدي ويلتزم بكثير من اخلاقيات الصحافة انطلاقا من الشعور بالمسؤولية 
كالامانة والصدق والموضوعية والاستقلالية من حق الاعلانات اوجهات التمويل التى تسعى لتقديم الخدمات الخاصة والعامة وقدرة الصحفي على تخطي الصعاب والحصول على حرية نشر المعلومة ولكن بصبغة مسؤولة هذه المرة ،،لأن الهدف الحقيقي للصحافة والتزاماتها الصحفية وفقا لنظرية المسؤولية الاجتماعية تتحقق ، كالامانة والصدق والحياد وعدم جعل الصحافة مصدرا للابتزاز وعدم الاساءة للاخرين او التشهير بهم والنيل منهم 
والحرية المسؤولية معظم مواثيق  الشرف الصحفي
في ظل نظرية المسؤولية الاجتماعية تتحقق ،

# علوي سلمان

مقالات الكاتب

رسالة للأستاذ الجامعي

الباحث في بداية مشواره البحثي  كالطفل الصغير  في طفولته بحاجة الى من يشجعه ويأخذ بيده...