ضعف التعليم في اليمن واقع مؤلم يهدد مستقبل الأجيال

التعليم مسألة في غاية الأهمية والقيمة، على اعتبار أن التعليم يمثل القواعد الأساسية في نهضة أو تطور تروم له الدول أو المجتمعات الإنسانية، فما من دولة قوية في الزمن الحاضر  الا وسر قوتها كامن في جودة التعليم في مدارسها ومعاهدها وجامعاتها،  وواقع التعليم في اليمن يحتاج إلى مزيد اهتمام وعناية حتى يتم تحقيق النهضة التعليمية في ربوع اليمن،  ففي اليمن يسكن 70% من سكانه في الريف، وتشكل الأمية القرائية فيه حوالي 48% ومع ذلك فالأمل في تحقيق النهضة التعليمية معلق بالكادر التعليمي، ولكن الأرقام التي تشير إلى واقع التعليم في اليمن مخيفة، ف45% من المعلمين ليس لديهم أي مؤهل جامعي، و18% حاصلون على ثانوي، ومن خلال هذه الأرقام يظهر جليا الكادر التعليمي بحاجة إلى إعادة تأهيل والا فإن أي جهود تعمل على تحسين مستوى العملية التعليمية ستذهب هدرا. (1) 
وهناك العديد من المشكلات التي يعاني منها التعليم في اليمن نذكر أبرزها :
- مدرس المرحلة الإبتدائية في كثير من مدارس الجمهورية غير مؤهل تربويا وتعليميا 
- ضعف الحالة المادية للمعلم 
- تهميش المعلم وقلة الاهتمام به 
- ضعف الامكانيات في المدرسة 
- انعدام المعامل والأجهزة المدرسية التي يحتاجها الطلاب للتطبيق 
- كثافة التلاميذ داخل الفصل الواحد 
- قلة المباني المدرسية الصالحة للتدريس وخاصة في الريف 
- ضعف الرعاية الصحية للتلاميذ 
- كثرة الغياب والرسوب بين صفوف التلاميذ 
- نقص السجلات المدرسية وعدم تنظيمها 
- انتشار المدارس ذات المدرس الواحد الذي يغظي جميع الصفوف وخاصة في بعض المناطق الريفية البعيدة الوعرة التي يرفض المعلمون الذهاب إليها 
- ضعف الكادر القيادي والإداري للمدرسة 
- ندرة أو عدم وجود المكتبات المدرسية 
- نظام الامتحانات والتقويم القائم على ترفيع التلاميذ وتنجيحهم 
- انتشار ظاهرة الغش 
- تدني المستوى التعليمي للتلاميذ 
- انتشار العصابات المدرسية والتحرشات 
- تسرب الطلاب والطالبات من المدرسة 
- موقع المدرسة بعيد عن التجمعات السكنية 
- قلة الاهتمام من قبل أولياء الأمور بإبنائهم 
- تأخر الكتب المدرسية أو انعدامها (2)
من جانب أخر يرى الدكتور علي الفقيه أن التعليم في اليمن لم تطرأ عليه اصلاحات  تذكر، فالخطط الدراسية والمقررات لاتتفاعل مع المتغيرات التي حدثت وتحدث في اليمن ولاتستجيب لدخول اليمن مرحلتها الجديدة، كما أن مناهج التعليم الثانوي لاتراعي حاجات الزمن والمكان، ولم تواكب التحديات الحالية والمستقبلية. 
وعن الإدارة المدرسية ذكر د الفقيه أن هناك عشوائية القرارات والترقيات وخضوعها للولاءات السياسية والعلاقات الشخصية دون النظر للكفاءات والمؤهلات العلمية، وسوء العلاقات بين مدراء المدارس ومعلميها من جانب، وبين مدراء المدارس وإداريي مكاتب التربية من جانب أخر، وضعف الرقابة وعدم قدرتها على فرض أي عقوبة على مرتكب الأخطاء والمقصرين، بالإضافة إلى قصور الأداء الإداري لمديري المدارس وعدم معرفتهم بمهامهم الإدارية والفنية، وغير ذلك من عجز وقصور، 
كما أوضح ان المعلم سبب رئيسي لتدني التحصيل العلمي لدى الطلاب، حيث ان هناك أكثر من عشرين ألف معلم غير مؤهلين تربويا وتعليميا، وهناك 60% من المدرسين  خريجي ثانوية عامة فقط، وتدني المستوى التعليمي في بعض المدارس يعود إلى عجزها عن تحقيق الأهداف التربوية وجذب الطلاب إليها (3)
الدكتور بدر سعيد الأغبري الأستاذ بكلية التربية جامعة صنعاء، يشير إلى أن عدد من المعوقات التي تقف أمام تقدم التعليم في اليمن، في عدد من المجالات ابتداء من الأهداف والمناهج الدراسية والمعلم والإدارة، مرورا بالتوجيه والإشراف والمبنى المدرسي، والتقنيات التربوية والأنشطة المدرسية وأولياء الأمور.  وقال إنه لمن المؤسف أن نجد دولا لاتملك ثروة نفطية ولاذهبا ولافضة وإنما تعليما حقيقيا أصبحت اليوم تنافس العالم في التكنولوجيا مثل ماليزيا وتايوان في حين مازلنا نراوح مكاننا (4)
أسباب أخرى 
يوجد أسباب لضعف العملية التعليمية في اليمن نذكر بعضا منها :
- اعتماد المعلمين على أسلوب التلقين الممل وعدم تنمية المهارات بطرق عملية تطبيقية 
- التكليفات والواجبات المدرسية إجبارية ولاتعتمد على التفكير الإبداعي والممارسة 
- الرجوع دائما إلى الكتاب وعدم إعطاء الفرصة للطلاب للإبداع وتطوير الذات 
- سوء تعاطي المدرسة وهيئتها التدريسية مع الطلاب، مايسبب ذهابهم للمدرسة بالإجبار ومن دون رغبة وميول 
- ضعف المباني والتجهيزات المادية لجو تعليمي أفضل 
- عدم تطوير المناهج لتواكب المتغيرات العلمية الجديدة والانفتاح المستمر
- عدم إحياء روح النقاش وإبداء الأراء والتقويم عند التلاميذ 
-كثرة الملهيات الشاغلة عن الدراسة والمذاكرة عند الطلاب كالتلفزيون وألعاب إلكترونية وأنترنت... الخ 
- عدم استخدام المعلمين للأساليب التقنية العصرية والحديثة في عملية التدريس (5)
تعليم الفتيات 
معدل التحاق الفتيات بالتعليم في اليمن هو أدنى المعدلات في بلدان الشرق الأوسط، ويوجد تفاوت هائل بين البنين والبنات، وبين المناطق الحضرية والريفية، ويعزى ضعف نسبة مشاركة الفتيات في التعليم إلى عدة عوامل اجتماعية ثقافية، فعادة الزواج المبكر للفتيات في المناطق الريفية تعوق تعليم الفتيات، وتؤدي إلى ارتفاع معدلات التسرب وترك الدراسة، وإحجام الاباء عن إرسال فتياتهم إلى المدارس المختلطة،  ومما يساهم في انخفاض معدلات التحاق الفتيات بالتعليم أيضا الاتجاهات الاجتماعية السلبية السائدة نحو تعليم الفتيات، والإفتقار إلى مدرسات. 
ومن العوامل التي تجعل الأسر تحجم عن إرسال فتياتها إلى المدرسة، قلة عدد المدارس، فرص العمل والتوظيف، التكدس وسوء نوعية التعليم، وزيادة على ذلك فإن الاتجاهات المجتمعية نحو تعليم الفتيات وخاصة الدراسات الجامعية لعبت دورا كبير في تحجيم تعليم الفتيات، وبعد المسافة عن المدارس في المناطق الريفية، ونقص الكتب، وضعف الامكانيات المالية للأباء، وكلها عوامل تحد من فرص الفتيات في التعليم (6)
الإلمام بالقراءة والكتابة 
تظهر تقديرات الأمم المتحدة أن معدل الإلمام بالقراءة والكتابة بين البالغين في اليمن في عام 2010م بلغ 50% للإناث و80% للذكور ، وبلغ معدل الإلمام بالقراءة والكتابة من 40% في عام 1994م إلى 60% في عام 2010 (7)
الحرب وأثره على التعليم 
تشير كثير من التقارير الدولية التابعة لمنظمات الأمم المتحدة للطفولة إلى استخدام الأطفال في الصراعات المسلحة من قبل الجماعات المتصارعة، واذا كان عزوف الطلاب عن فصول المدرسة للإلتحاق بسوق العمل أو البطالة فإن الأعوام الماضية كشفت عن التحاق المئات من الطلاب في أتون الصراع المسلح، اذ رصدت المؤسسات الحقوقية المعنية بالدفاع عن الطفولة زيادة اعداد المتسربين من المدارس ،والذين التحقوا في صفوف الجماعات المسلحة (8)
نماذج من الدول المتقدمةالتي نجحت في العملية التعليمية 
أن سنغافورة تمثل نموذج تجربة فذة لنهضة أمة، ففي أقل من 50 عام تحولت من جزيرة فقيرة يقطنها غالبية أمية من السكان، إلى دولة صناعية متقدمة تضاهي مستويات معيشتها نظيراتها في الدول الصناعية الأكثر تطورا. 
لقد فطن رئيس الوزراء لي كوان إلى حقيقة أن التعليم عامل حاسم في تطوير القوى العاملة لتحقيق الأهداف الاقتصادية، ولعبت الحاجات الاقتصادية في سنغافورة دورا هاما في تحديد معالم سياسة التعليم، وأطلقت مبادرة مدارس التفكير لتعليم أمة،  وهذه السياسة قائمة على أربعة مبادئ : إعادة النظر في أجور المعلمين، إعطاء قادة المدارس مزيدا من الاستقلالية، إلغاء التفتيش واستحداث التميز المدرسي، تقسيم المدارس لمجموعات يشرف عليها موجهون مختصون لهم القدرة على التطوير واستحداث برامج جديدة، ثم أطلقت مبادرة جديدة وهي : تعليم أقل تعلم أكثر، ركزت فيها على طرائق التدريس وتقليل حجم المحتوى لإفساح مجال التفكير (9)
مما سبق يعد حصيلة لقراءة واقعية موضوعية لواقع التعليم في اليمن، فواقع الحال يشير إلى إهمال وقصور وعبث أفضى بمضي السنوات إلى بروز الحالة المتردية وجعلها ظاهرة عامة لاتقتصر على مدرسة أو منشأة تعليمية بعينها، وإنما يمكن القول أن ظاهرة ضعف التعليم باتت شاملة وفي كافة جغرافية البلاد، وأن اختلفت وتعددت الأسباب والنسبة، الا أنها تكاد تكون سمة عامة تعاني منها أغلب المحافظات اليمنية
الهوامش:
(1) علوي سلمان : ضعف التعليم في اليمن ص25
(2) مطهر خالد العدواني : مناهج وطرق تدريس المواد الاجتماعية ص37
(3) علي الفقيه : أسباب التدني بمستوى التعليم العام والعالي في اليمن وطرق معالجتها ص28
(4) بدر سعيد الأغبري : قضايا ومشاكل التعليم في اليمن ص18
(5) علوي سلمان : المصدر السابق ص99
(6) المصدر السابق ص33
(7) الموسوعة الحرة 
(8) تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة 2019
(9) عادل غنيم بحث صادر عن منتدى دافوس الاقتصادي العالمي

# علوي سلمان

مقالات الكاتب

رسالة للأستاذ الجامعي

الباحث في بداية مشواره البحثي  كالطفل الصغير  في طفولته بحاجة الى من يشجعه ويأخذ بيده...