الحقد في زمن الكورونا
بدأ في وسائط التواصل الاجتماعي ما يشبه تيارا يبرر التخلي عن كبار السن المصابين بفيروس كورونا،...
انتابني شعور صامت بالحزن وأنا أقترب من طائرة فخمة كانت رابضة بالمطار وتحيط بها رائحة الدخان.
شجعني بعض الشباب على الصعود إليها فقبلت الدعوة رغم العطش والحر وتعب الصيام.
كنا في أواخر رمضان عام 2011 ، وكان حينها في عز فصل الصيف.
امتطيت الطائرة والعرق يتصبب مني، ثم مددت يدي للمصور الاسكتلندي الذي كان يرافقني، لاساعده على الصعود.
كانت الطائرة قبل أسبوع من ذلك التاريخ أفخم ما يملكه الزعيم الليبي معمر القذافي. فهي طائرته الرئاسية.
ودخولي اليها لم يكون دخولا رسميا، بل تسلقت سلما معدنيا وضعه مسلحون سيطروا حينها على مطار طرابلس الدولي أو العالمي كما كان يحلو للقذافي أن يسميه. كان الزعيم الليبي حينها قد فر من طرابلس الى بني وليد، عقب توغل قوات المعارضة المسلحة فيها واقتحامهم معقله في ثكنة العزيزية.
بدأت أتجول داخل الطائرة التي كانت درجة الحرارة فيها لا تطاق، لأن كل أجهزتها كانت متوقفة لعدة شهور.
كان الشبان المسلحون صغارا في السن ويعبثون بمحتويات هذه الطائرة الفخمة.
تذكرت حينها آخر رحلة لها، حين نقلت القذافي إلى نيويورك حيث شارك في اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، وخلال خطاب طويل له أمام الحاضرين مزق كتيبا يحوي بين دفتيه ميثاق المنظمة الدولية.
كان الشبان المسلحون يطوفون بأرجاء الطائرة الضخمة وهي من طراز A-340 . لم يكونوا يعرفون قيمة الطائرة ولا هم كانوا يتوقعون أي مصير يتربص بليبيا.
طلبت من المصور المرافق لي أن يسرع بالتقاط مشاهد من الداخل قبل استئناف القصف على المطار، فمحيطه حينها كان يشهد بين الفينة والأخرى تراشقا بين المعارضة التي سيطرت على العاصمة واطرافها، وموالين للزعيم كانوا متحصنين بأحراش ومباني ريفية في منطقة قصر بن غشير القريبة.
استرقت لحظة لالتقاط صور تذكارية من بينها واحدة على طرف سرير كان معمر القذافي يسترخي عليه وينام حين كانت طائرته تعبر أجواء المحيط الأطلسي في رحلتها الى نيويورك.
منذ ذلك الحين لم أعد أعرف شيئا عن مصير تلك الطائرة، إلى أن سمعت قبل يومين زميلا لي يتحدث عن إعداد تقرير مصور عنها، بعد أن أعيدت إلى مطار امعيتيقة من فرنسا حيث كانت تخضع لإصلاحات.
هي الأمور كما شاهدتَها دولٌ...
هكذا أنشد ألو البقاء الرندي قبل قرون وهو يسجل انتقال السيادة على الأندلس منا إلى أيدي ملوك قشتالة...