انصاف مايو .. وتحقيق BBC
شاهدت وأستمعت جيدا إلى التحقيق الهزيل غير المهني الذي أجرته قناة BBC عربي حول الإمارات تستهدف بالاغت...
الأزمات السودانية الداخلية منذ عشرات السنين تتحول إلى صراعات إقليمية ودولية دائمآ ، وجنوب السودان ودار فور خير دليل وشاهد ، وبالتالي أزمة السودان أو الحرب الحالية بين الدعم السريع والجيش السوداني يجب أن تتوقف رغم الخسائر البشرية والمادية غير الكبيرة حاليآ ، مقارنة مع إستمرار الحرب لاشهر أو لسنوات قادمة .
مؤشرات منذ أول يوم للحرب تدل على أن الدعم السريع لديه جهاز إستخباراتي عالي المستوى ويراقب منذ فترة غير بسيطة تحركات بعض الدول الخليجية والعربية والعالمية على أراضيه ، ولهذا شاهدنا أول تحرك للدعم في مطار وقاعدة مروي السودانية بذريعة رفضه ومعارضته التواجد المصري العسكري هناك ، علما بان المسافة من مروي إلى الخرطوم تبلغ 300 كم .
بعدها تم استهداف سيارة مصفحة للسفارة الأمريكية بالخرطوم ، ثم السفارة النرويجية ( الإتحاد الأوروبي ) ، رسائل واضحة وصارمة لمصر وأمريكا وأوروبا بعدم التدخل المباشر وغير المباشر بالشأن الداخلي السوداني ، بينما لم تستهدف الصين الشريك والمستثمر الأكبر في السودان والقرن الأفريقي ولا روسيا ، خطورة الحرب أو الصراع بالسودان أكبر بكثير من خطورة حرب اليمن لعدة أسباب ، أهمها موقعها الجغرافي وجوارها المتأزم دائمآ وأخرها بين مصر وأثيوبيا ، ناهيك عن الخطر الأكبر على الأمن القومي السعودي الذي كان يعول كثيرا على البحر الأحمر كملاذ آمن في حال نشوب صراع كبير يهدد مضيقي هرمز وباب المندب ، علما بأن المسافة بين مينائي جدة السعودي وبور تسودان السوداني 300 كم فقط .
ناهيك عن الاستثمارات السعودية في السودان التي بلغت عشرات المليارات من الدولارات في قطاع الزراعة وتربية المواشي ، ورغبة القيادة السعودية الحالية في إنهاء الحروب والأزمات في المنطقة ، بأي طريقة كانت وأخرها الإتفاق السعودي الإيراني وإنفتاحها مع بشار الأسد وغيرها من التحركات السياسية والدبلوماسية سريعة الخطى .
الدعم السريع فرض تكتيكه العسكري بحسب إمكانياته العسكرية وخبرته الطويلة في حروب المدن والشوارع التي تجاوزت العشرين عام وأكثر ، ومشاركته الفاعلة في حرب اليمن بالساحل الغربي للحديدة وغيرها من مناطق التماس مع مليشيات الحوثي ، بينما الخمسة ألوية من الجيش السوداني مسرح عملياتها أنحصر بالحد الجنوبي للسعودية وقليل منها بالعمق اليمني ، قوام القوات المسلحة السودانية المشاركة في حرب اليمن دعم وجيش بلغت 30 الف فرد .
وبالتالي أرغم الدعم السريع الجيش السوداني التقليدي على مسايرته الفاشلة حتى اللحظة ( مقطع باليوتيوب للقوات السودانية الخاصة وبعض من رجال الجيش يوضح تخوفهم من دخول شوارع وطرقات داخلية يتواجد فيها الدعم السريع ) ، ناهيك عن شبكة إتصالات عسكرية عالية المستوى ( قيادة وسيطرة ) ظهرت بها قوات الدعم السريع أثناء الهدنة ، وتأمين خروج آمن للرعايا وكثير من السودانين عبر مطار الخرطوم وميناء بور تسودان والمنافذ البرية الحدودية مع مصر وتشاد والنيجر وجنوب السودان وأثيوبيا وغيرها .
حرب الشوارع هزمت الولايات المتحدة الأمريكية في فيتنام والصومال والعراق وأفغانستان وغيرها ، رغم التها العسكرية المهولة على مستوى العالم ، حرب الشوارع تتخذ من الفر والكر وإشعال الحرائق في المدن والشوارع إستراتيجية عسكرية دائمة .
سيقاتل حميدتي لمائة عام قادمة بدون أي دعم خارجي ، لأنه يمتلك ثالث أكبر منجم للذهب على مستوى أفريقيا بشمالي دار فور وتحديد منجم جبل عامر الذي بلغت قدرته الاستخراجية ( الإنتاجية ) من 50 إلى 60 طن من الذهب في العام الماضي فقط ، ويرجح خبراء أن المنجم يحتوي على تلال أو جبال من الذهب ، إذن نحن أمام سلاح محترف لحروب الشوارع والمدن مع تمويل ضخم لا ينضب .
أعلنت ألمانيا الاتحادية عن خطة محكمة لإجلاء رعاياها وألغتها في مراحلها الأخيرة ، وكذلك صنعت اليابان وهولندا قبل سريان الهدنة الأخيرة ، بسبب أنهم يدركون خطر التورط المباشر مع قوات الدعم السريع المسيطرة فعليا ونيرانيا على العاصمة الخرطوم وغيرها من عواصم الولايات السودانية ، كذلك فعلت الاستخبارات المصرية حين أجلت جنودها من مروي الى الخرطوم ، لماذا لم تهبط الطائرات العسكرية المصرية في مروي أو أحد المطارات القريبة منها .
يتهم الإتحاد الأوروبي فاغنر الروسية بمد الدعم السريع بصواريخ أرض جو محمولة على الكتف من مخازنها بأفريقيا ، إذن الصراع بدأ يتوسع وتتورط فيه عدة أطراف إقليمية ودولية شيئا فشيئا إلى أن يتحول السودان لساحة صراع عالمية أشد قسوة وتدمير وخطر من الحرب الروسية الاوكرانية .
الحل من منظور شخصي ينحصر في سرعة إستقالة البرهان حقنا للدم السوداني ، ووقف القتال وتسليم السلطة لنخبة مدنية تكنوقراط للخروج الامن من هكذا دوامة قد تعصف بالسودان لعقود من الزمن .