لروحك السلام يا محمد الأهدل !

الـ 8 من فبراير 2019 كان يوما ليس كأي يوم بالنسبة لي، ولست أدري ماذا تخفي الأقدار لنا فيما تبقى من أيام العمر! 


تحل علينا اليوم الذكرى الأولى للرحيل الفاجعة، وما  أقساها من ذكرى ودعنا خلالها شابا في مقتبل العمر كانت الهجرة إلى حيث أنا هنا الآن أقصى أمانيه!


في مثل هذا اليوم رحل عنا محمد، ولم نعلم تفاصيل رحيله إلا بعد 16 يوما من البحث، والعثور على جثمانه في إحدى مستشفيات ولاية شلف بالجزائر.


قريبا من النمسا، وتحديدا في عاصمة الزهور "هولندا" حلم صديقي العزيز عضو جمعية الإعلام الرياضي الصحفي اليمني محمد الأهدل بأن يبدأ خطوات حياته في رحلة الكفاح لحياة جديدة، بعد ضياع 24 عاما بين الغربة خارج الوطن، والكربة في داخله!


قبل ذلك القرار، طرق محمد كافة الأبواب، حاول جاهدا صنع شيء .. حتى من اللاشيء، كنت على معرفة تامة بذلك، لكنه لم يلق استجابة توازي سقف طموحاته وأمانيه إلا هناك.. هناك في قعر المحيط!


في شواطئ وهران، استل محمد ورفاقه قاربا مطاطيا لعبور (جحيم المتوسط) البارد حد التجمد.. كانت المسافة نحو بلد الأرانب "إسبانيا" ليست بالبعيدة، لكن الموت كان أقرب من تلك المسافة بكثير.


ثُقب القارب، ونجا بعض راكبيه بفضل بعض السترات المتوفرة، فيما ودع أخونا محمد الحياة على متن برميل "مازوت" كتب السطور الأخيرة في حياته في أعماق المتوسط.


غرق محمد في سواحل وهران، وعثر على جثمانه في مدينة شلف، والمسافة بين المدينتين تتجاوز الـ 150 كيلو .. مع درجات حرارة منخفضة تقترب من الصفر!


في التفاصيل الأخيرة لرحيل محمد بعد ثقب القارب، ثمة أمور "حزينة" لم يعرفها الكثيرون.. ردة فعله.. ماذا صنع بالضبط؟ كيف مضى باتجاه عمق البحر عكس من كانوا معه!! كل تلك التفاصيل الحزينة احتفظت بها ولم أنشرها.. لكن شقيقه عبدالرحمن عرف كل ذلك.


أبكيك يا صديقي كل ما مرت بي تلك التفاصيل الموجعة لساعات الرحيل الأخيرة، وأبكيك كل ما مرت بي ذكرى جسدك الذي استوطن الأعماق 16 يوما لأنك يمني فحسب، وليس ثمة دولة تحترم نفسها وتحترم مواطنيها لتفتش المحيطات بحثا عنك.

مقالات الكاتب

صلاح الوافي والفرش

زمان قبل ما اتزوج تحديدا في الـ 2007 ، كنت حراف ، مافيش فلوس ، واشتي أئثث البيت حقي ، قدنا قريب على...

الرابعة بتوقيت لندن

لطالما ارتبطت هذه المدينة بمخيلتي كثيرا , بدءا من مسلسل الكرتون سالي كروي ووالدها البريطاني الثري ال...

لصوص التعليم يا وصابي !

جامعة الحديدة فتحت برنامج ماجستير مكافحة العدوى في هيئة مستشفى الثورة ودرست دفعة من الطلاب ورجعت فتح...