من شرد الافغان..طالبان أم الامريكان والناتو؟!!

مايجري اليوم  من ضجيج اعلامي وحملات شعواء وتضخيم لمايجري في مطار كابول عبر وسائل الاعلام الغربية  لا يختلف في صورته عن مارآه العالم يوم 11 سبتمبر عام 2001م  في امريكا فقد سلطت وسائل الاعلام الاضواء يومها على صورة الحدث فقط ليروا الناس فقط صور الطائرات وهي تخترق الابراج في نيويورك بينما حجبت عن العالم حقيقة ماخلف الصورة التي ظلت تدور وتدور في شاشات القنوات الفضائية  دون ترك فسحة للناس للتفكير والبحث عن الاهداف الحقيقة لماجرى و من خطط  ومن درب واية اجهزة مخابرات سهلت لتنفيذ العملية بتلك الطريقة الدقيقة جداً وكيف تمت بتلك السهولة.
الآن وبعد 20 عاماً يتكرر في شاشات القنوات الفضائية وتتناقل كل وسائل الاعلام صور لتلك الحشود البشرية التي تتجمع  في المطار وتتعلق بجسم طائرات اميركية عسكرية ضخمة تجثو في مطاركابول لاجلاء العسكريين الامريكان وجنود الناتو والدبلوماسيين والافغان من حاملي جنسيات اجنبية او متعاونين مع سفارات الغرب وجيوش الناتو. وجعلوا العالم ينسى الاحتلال  الامريكي وماخلفه من مآسي ومن ضحايا ودمار وصراعات على مدى 20 عاماً من الاحتلال والتدمير الممنهج  ,بل وانسوهم نصراً عسكريا ساحقاً لحركة طالبان بعد كفاحٍ مريرٍ وقاسٍ على دول الناتو وعددها 40 دولة ..بل  لقد وصلت وقاحة دول الناتو بان تصور الوضع وكانهم هم من انتصر وليس حركة طالبان فتراهم يملون شروطاً ويختلقون مبررات ويبحثوا عن شماعات ليعلقوا عليها فشلهم ولم يخبروا العالم ماذاكانوا يفعلوا خلال 20 عاماً ليستحقوا هذه الهزيمة النكراء؟ وعلى ماذا انفقوا آلاف المليارات, في حين تركوا بلداً محطماً وفقيراً وبطالة ونساء ثكالى  وملايين من الاطفال اليتامى ومئات الالاف من المعاقين  وشعب يعاني من نسبة كبيرة من الأمية وخدمات صحية متدهورة وبطالة عالية وانتشاراً كبيراً للمخدرات.وهذه هي حقيقة الصورة فقدبلغ مستوى الفقر 47 في المائة  وبلغت البطالة25 في المائة وبلغ مستوى الالمام بالقرائة والكتابة 43 في المائة  وفقا لاحصاء البنك الدولي حتى عام 2020م. وبلغ عدد القتلى من الافغان 47,245 شخصاً عدى المعاقين وقُتل 72 صحفياً و444 من عمال الاغاثة ومن جنود حكومة كابول قُتل 66,000 الفاً  اما اللاجئين من الافغان في العالم فيقدروا بالملايين.
ولمعرفة خلفية مايجري في مطار كابول  وبحساب مُفصل  سنرى كم كان نصيب التنمية والاعمار.. فلنركز على ما أنفقته امريكا من  المليارات في افغانستان:-
- انفقت امريكا 2.26 تريليون دولار  خلال 20 عاماً. وبحسب مصادر وزارة الدفاع الامريكية فقد انفقت 815.7 مليار دولار تكاليف تشغيل الجيش الامريكي وعلى الرغم من ان هدف امريكا المعلن  هو هزيمة تنظيم القاعدة الا ان امريكاحولتها الى حرب مفتوحة ارهقت امريكا على مدى 20 عاماً وكان باستطاعتها  الانسحاب يومها خلال عام . 
- وانفقت امريكا على ماسمي ببناء مؤسسات  الدولة  والاعمار 143 مليار دولار فقط من ذلك الرقم الضخم من آلاف المليارات من الدولارات. ومن هذا المبلغ الصغير تم تخصيص   88 مليار دولار لتجهيزمؤسسات الجيش والامن الافغانية وتم انفاق 36 مليار دولار فقط على اعادة الاعمار والتعليم والبنى التحتية و4.1 مليار دولار  كمساعدات انسانية  للاجئين  واعمال الاغاثة وخُصض مبلغ 9 مليار دولار  لحملة ردع الافغان عن بيع  الهيراوين ورغم ذلك بلغت نسبة تصديرها اعلى المستويات.
بينما بلغت ماتدفعه امريكا كفوائد على  القروض لتلك المبالغ من التريليونات من الدولارت بلغت 530 مليار دولار ودفعت296 مليار دولار  في شكل رعاية طبية لقدامى المحاربين  وستستمر امريكا دفع هذه النفقات لسنوات قادمة.
يتضح من حجم الانفاق الامريكي في افغانستان بانه كانت يستهدف قواتهم ولم يُخصص للتنمية والاعمار الا مبلغ هزيل مقارنة بالانفاق على الجيش الامريكي واسلحته  وان هذه المبالغ الهائلة لو انفقت على البناء والاعمار والخدمات وتحسين مستوى معيشة المواطن الافغاني  لكان الامر مختلفاً بل ان اعداد الافغان الفارين في زمن الاحتلال الامريكي من افغانستان على مدى 20 عاماً قد بلغوا الملايين في اوروبا وفي دول الجوار وعودوا الى تقارير منظمة  =سي وتش=الالمانية  لاغاثة اللاجئين في البحر المتوسط - كم بلغ عدد الافغان الذين ماتوا غرقاً او الفارين خلال فترة الاحتلال الامريكي لافغانستان بينما الاعلام الغربي  يقلب الهرم  في مطار كابول ليوحي للعالم وكأن حركة طالبان هي من شردت ملايين الافغان من بلادهم  في عملية تضليل وخداع  كبرى ومسخ لوعي الناس واخذ تفكيرهم الى زوايا اخرى حتى لا ترى الحقيقة, بينما حركة طالبان لم يمض حتى اسبوعاًعلى دخولها كابول واصدرت فوراً عفواً عاماً حتى عن من قاتلها ومن تخابر ضدها لصالح الاحتلال الامريكي وكان سبباً في قتل الآلاف من الافغان , وفتحت ذراعيها لمحاورة بقية مكونات الشعب الافغاني واعتبار البلد تتسع للجميع وتهدف لنزع انياب القوى الخارجية حتى لا تستخدمهم في اعاقة بناء افغانستان الحرة من جديد.فحركة طالبان تعلمت  من تجارب الماضي واستخلصت العبر واستفادت من  الدروس.
طالبان انتصرت وعلى العالم فهم هذه الحقيقة والتعايش معها  فقد كان صمودهم اسطورياً  خلال 20 عاماً وامام اعتى قوة في العالم وتحالف من 40 دولة هي امريكا ودول الناتوومن حالفهم ولقد صدق الرحالة ابن بطوطة عندما زار كابول في طريق رحلته حينما وصفهم باولو القوة والبأس الشديد. 

مقالات الكاتب