بركان كريتر عدن.. رماد تحت وحمم فوق

تعد مدينة كريتر العمق التاريخي والاقتصادي والحضاري لعدن خاصة والجنوب عامة، فهي القلب النابض للتجارة والسياسة معا، والحديث عن عدن وما تحتويه من زخم الحياة ومن كنوز تاريخية ومواقع أثرية متعددة عبر الزمن، هذا الأمر يحتاج لشرح طويل وتحليل عميق.

دعونا نتحدث عن عدن من خمسة أعوام مضت أي بعد الانتصار على الاحتلال وأعوانه، حيث جرت أحداث كثيرة ومتنوعة على المدينة، وبحكم إنها احتضنت حكومة ما يسمى الشرعية لفترات متفاوتة في المنطقة الساحرة (المعاشيق) وما رافق ذلك من أحداث ومناكفات واختلافات ما بين القوى المتصارعة في حرب اليمن، ومن ضمنها ما يسمى التحالف العربي، وما شهدت عدن عامة من تدهور شامل في كل الجوانب ومنها الخدماتية تحديدا.

فقد ظلت كريتر محط أنظار لكل أبناء الجنوب خاصة والعالم عامة وتحولت لمركز إعلامي وبؤرة للخلاف والاختلاف والغليان، يغذي ذلك جهات في منظومة التحالف والشرعية، والتي ليس لها هم إلا إثارة الفوضى وخلط الأوراق ومضاعفة المتاعب للناس وإشعال الأزمات فيما يتناسب مع توجهاتها وتحقيق أهدافها الشيطانية الآنية والمستقبلية.

نحن نعتقد أن القيادات السياسية والعسكرية الجنوبية فشلت بجدارة في إدارة الأزمة بكريتر، وبرغم أن القضية برمتها واضحة وباينة للعيان، إلا إنهم اتخذوا أسلوب الوساطات والمداهنات، ورفعوا شعارات وطنية منها الحوار الجنوبي، واليافطة العريضة التصالح والتسامح الذي لم نجني منهما إلا مزيدا من الخسران والانتكاسات؛ لأن المفهوم السائد لدى عامة الناس والقيادات لمبدأ الحوار والتصالح هو مفهوم خاطئ، أي أن الاعمال المخلة والمخالفة والغير إخلاقية ليس لها عقاب ولا حساب، وهذا الأمر ساعد كثيرا في ثقافة التمرد والعنجهية داخل الوطن.

عانت كريتر وما زالت تعاني من تباينات ساخنة واختناقات أمنية وصراع وجود بين الأجنحة والمكونات العسكرية، البعض منها مدعوم من جهات معادية للانتقالي وشعب الجنوب.

وخلاصة القول إن الجهات العسكرية والأمنية افتقدت إلى الحس الأمني، أي إن الأمن والسيطرة لم تعد من أولويات القادة، وتفرغ الكل للأعمال الخاصة وصار الواجب بعض الأعمال الديكورية كالاستعراض وايهام الشعب إن الأمن مستتب وإن الأمر تحت السيطرة، مع أن الواقع كل يوم يظهر عكس ذلك تماما، وإن كريتر تلتهما الحمم يوما عن يوم مع إن رماد براكينها ما زالت نائمة تحت الأرض.

إن أحداث كريتر الأخيرة أظهرت حجم الارتباك العسكري الفاضح، وأظهرت لنا مشاهد كثيرة  متداخلة وغامضة جدا تتعلق حتى بالانتماء والوطنية.

فلك الله ياجنوب حتى شعار آخر.

مقالات الكاتب